إصلاح النفس، لاشك هو الهدف الأساسي لكثير من الناس، لكن قد يحتار البعض في كيفية الوصول إلى ذلك، لذا كان من دعاء الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: « اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها»، لذلك ليعلم الجميع أن تزكية النفوس إنما هي إحدى الغايات التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى: « لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ » (آل عمران: 164)، ومن ثم فإنه بالتأكيد أن الإيمان والتقوى والأنس بالله ولذة مناجاته وكل أنواع الخير لا تتوطن إلا في القلوب، وبالتالي كان إصلاح النفس الطريق إلى الله عز وجل.
القلب السليم
عزيزي المسلم، احرص دومًا على أن يكون قلبك سليمًا من أي (رتوش) قد تثقل عليه حمله، وتبعده عن الهدف الأساسي من عملية الخلق، وهي عبادة الله عز وجل، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، لذا فقد كان من دعاء نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام: « وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ » (الشعراء: 87 - 89).
روى النسائي عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأسألك قلبا سليما».
فانظر عزيزي المسلم إلى اهتمام أبي الأنبياء وآخرهم بسؤال الله عز وجل عن سلامة القلوب، وما ذلك إلا لأنهم علموا أنه من خلال ذلك يسهل الوصول إلى الله عز وجل، ومن دون ذلك عاش في شقاء لا ينتهي.
اقرأ أيضا:
الذكر يريح القلب ويبعث الطمأنينة .. تعالوا نذكر الله بهذه الطريقةهنا الفلاح
عزيزي المسلم، زكِ نفسك طوال الوقت، وابحث دومًا عن ما يلهمها الصبر والقوة، وحب الإيمان واليقين في الله عز وجل، وما ذلك كله يأتي إلا بالثبات على الحق، ودرء الفتن، والابتعاد عن كل مسالك الشيطان.
فقد علق الله تعالى فلاح العبد على زكاة نفسه بعد أن أقسم أحد عشر قسماً فقال سبحانه: « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا » (الشمس: 9، 10).
وليعلم الجميع أن سلامة الصدر من كمال الإيمان وحسن الإسلام، يحبه الله، ويألف الناس ويألفونه، ويحبونهم ويحبونه، مع ما يجد في قلبه من السعادة والانشراح، وتلك صفات أهل الجنة الذين قال الله عنهم: « وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ » (الحجر: 47).