يسأل أحدهم قائلا: (ليه ربنا صبور علينا كده واحنا مانستاهلش ! ! !)، والإجابة ببساطة، لأنه سبحانه وتعالى لا يتأثر أبدًا بما نفعل، مهما كان، ولأنه يحبنا لذاتنا وليس لأفعالنا، ومن ثم فهو يعلم يقينًا أننا نذنب ونخطئ، ولكن يعفو ويسامح، أو ينتظر توبتنا، ربما ينتظرها أكبر من فرحة الأم بعودة وليدها الغائب.
عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله تعالى، فيغفر لهم».
فهو سبحانه واسع المغفرة، ويفتح الباب للجميع في كل الأوقات، ولا يمكن أبدًا أن يصد أحدهم مهما كانت فعله أو ذنبه، فهو سبحانه واسع المغفرة، يغفر لعباده أي ذنبٍ مهما عظم إذا استغفَروه وتابوا إليه؛ قال الله تعالى: « نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » (الحجر: 49).
إياك والقنوط
عزيزي المسلم، إياك والقنوط، وإياك أن تفكر في كيفية أن الله عز وجل يصبر علينا، لأننا لم نعده ذو أهمية له، لأننا بالفعل ذو أهمية بالنسبة له سبحانه، بل وينتظرنا لنتوب في كل لحظاتنا، ويسمع شكوانا ودعاؤنا دومًا.
يقول سبحانه وتعالى: « قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » (الزمر: 53).
وهنا تأمل عزيزي المسلم في النداء، قال: ﴿ يَا عِبَادِيَ ﴾ نداء بلطف ومحبة وود، ثم يقول: ﴿ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ﴾؛ ليدلك على أن العبد مهما كثرت ذنوبه فالله يغفرها، ثم يؤكد ذلك في قوله: ﴿ لَا تَقْنَطُوا ﴾، لأنه ببساطة واختصار شديد ﴿ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ﴾، فكيف برب يغفر الذنوب جميعًا، نيأس منه والعياذ بالله؟!، وهو القائل: « وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا » (الفرقان: 70)، وليست كان هنا التي تدل على الماضي فحسب، بل كان ولم يزل، ولا يزال جل شأنه غفورًا رحيمًا.
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركةمغفرته واسعة
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أنه مهما كثرت الذنوب، فإن مغفرة الله أعظم وأوسع وأكبر.
عن سيدنا أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئًا لقيته بمثلها مغفرة».. إذن ليس هناك حجة لك لأن تتوب وتعود إلى الله من فورك، فالأمر يستحق، والله لن يغلق في وجهك الباب أبدًا.