"أذنبوا وتابوا".. أرق المناجاة وأغرب الحكايات

بقلم | عامر عبدالحميد | الجمعة 11 يوليو 2025 - 11:34 ص

ومن المعروف أنه من أرق القلوب، قلوب المذنبين حال العودة والرجوع إلا إلى الله، لما وجدونه من الانكسار والخضوع أمام ربهم، فترق قلوبهم وتلين نفوسهم.

عجائب الصالحين:

1- يحكي عن بعض الصالحين أنه يقول في مناجاته: إلهي، كيف أفرح وقد عصيتك؟ وكيف أحزن وقد عرفتك؟ وكيف أدعوك وأخطأت، وكيف لا أدعوك وأنت كريم؟
2- وكيل: أذنب عبد العزيز بن عمر رضي الله عنهما ذنباً، فأوقفه بين شهوده وأمر بضربه، فقال له: يا مولاي، أما بينك وبين الله ذنب فأمهلك فيه، فقال: وأي ذنب ماهلني، فقال: بالذي أمهلك إلا ما أمهلتني. فعفا عنه وتركه.
تمب به، فأوقفه بين يدي وأمر بضربه، فقال: مولاي، أما عصيت الله فأمهلك، قال: بلى، فقال: يا مولاي، بالذي أمهلك إلا ما أمهلتني، ففعل به وتركه.
ثم أطلقب ثالثاً، فأوقفه بين عدة أيام وأمر بضربه، فطرق برأسه إلى الأرض ولم يتكلم، فقال له سيده: ما بالك لا تقول القول الذي كنت تقوله في كل مرة، فقال: يا سيدي، منعني الحياء من كثرة ما أتوب ثم أعود.
3- قال الحسن البصري رضي الله عنه: رأيت العزّة في الرجل، فقال له: اللهم اغفر لي، فقال: إن أحسنت فيما بقي غفرت لك فيما آت، وإن أسأت فيما بقي منه رب بما بما بقي.
4- وقال بعض الاسمادين: رأيت شاباً وهو يقول: يا قديم الإحسان إحسانك القديم، فقلت له يوما: أراك لا تغفل عن هذه الكلمة، فقال لي: لذلك سبب عجيب، وذلك لأن من عادتي إذا كانت ضياء أو عرس أبرز مثل النساء فأتقنع وأدخل بينهن وأجلس، فاتفق أن كان عرس في دار الأمير، فحضرت على الدوام فضاعت جوهرة في دار الأمير، فأمر الأمير بتفتيش النساء، فكشفوا عن أقنعتهن، وأنا أنا أقول: يا قديم الإحسان إحسانك القديم، ونذرت مع الله نذراً إن سترني لا أعود إلى ذلك الأمر، فلما وصلوا إلي نودي في القوم: أن تتركوا الحشرات فقد الدرة.. قال: فتبت من ذلك اليوم و عاهدت الله أن لا أعود.
5- وقال بعض الصالحين: رأيت القيامة قد قامت، هل الناس يساقون إلى الحساب، وأنا مع طائفة منهم الحلل والتيجان، فمروا إلى الساحل البحر فجلسوا، فأردت أن أجلس بذلك، فقالوا: إليك عنا، فلست منا أطلب أصحابك المذنبين، فسرت نوعا إذا أنا بأقوام على كراسي من نور فردت أن أجل بدلا من ذلك، فقال لي قائلهم: لا تجلس معنا اطلب منك المذنبين.
يقول : فمشيت ولا إذا أنا بأقوام عليهم ثياب رثة، ووجوه غير مصفرة، فقالوا: آجلس معنا مؤهل منا، فقلت: من أنتم؟ قال: "أشخاصك المذنبين، فجلست معها وبقيت متفكراً في أمري، وإذا بسفينة من الذهب الأحمر، وشراعها من سندس أخضر، وإذا مناد ينادي يقول: هذه سفينة الأبرار المستغفرين بالأسحار، فقامت طائفة يحتفل: لبيك صالح ربنا وسعديك، ثم ركبوا فرحين مستبشرين حتى شاركوا عن أعيينا، ثم أقبلت علبة من لؤلؤة شراعها مندس أخضر، وإذا مناد ينادي يقول: أين العلماء ورثة الأنبياء، فقالوا: لبيك مبارك ربنا وسعديك، فركبوا شاكرين فرحين مستبشرين حتى غابوا من أعيننا ولم يبق على ساحل غير بحرنا.
فبينما نحن في كرب شديد وغم وحزن ما عليه من قراءة، وإذا بسفينة أقبلت، وهي من الياقوت الأحمر وشراعها من السندس الأخضر، فتأمل الشراع ببساطة مكتوب عليها: (ورحمتي وسعت كل شيء)، ومناد ينادي قد يقول: هذه الرحمة والتعطف، أين أهل التكيف والتخلف؟ فركبنا مستغفرين ذاكرين الله.
ولما نزل في الرجاء والامتنان حتى أشرفنا على وادي العفو والغفران، فجاءنا توفيق من الكريم المنان قد غفر لنا، فلما غفر لنا ما غفر لنا، وسر لنا ما سر لنا، ووهب لنا ما وهب لنا، حمدنا الله على منه وكرمه.