اتفق حكماء العرب والعجم على هذه الكلمات فقالوا: " الملك بناء والجند أساسه فإذا قوي الأساس دام البناء وإذا ضعف الأساس انهار البناء فلا سلطان إلا بالجند ولا جند إلا بمال ولا مال إلا بجباية ولا جباية إلا بعمارة ولا عمارة إلا بعدل فصار العدل أساسا لسائر الأساسات".
الناس مع حكامهم:
1-وروى أصحاب التواريخ في كتبهم أن الناس كانوا إذا أصبحوا في أيام الحجاج يتساءلون من قتل البارحة ومن صلب ومن جلد ومن قطع وفي أمثال ذلك.
2- وكان الوليد صاحب ضياع واتخذ مصانع فكان الناس يتساءلون في زمانه عن البنيان والمصانع والضياع وشق الأنهار وغرس الأشجار.
3 - ولما ولي سليمان بن عبد الملك وكان صاحب نكاح وطعام فكان الناس يتحدثون في الأطعمة الرفيعة ويتخذونها ويتوسعون في الأنكحة والجواري ويعمرون مجالسهم بذكر ذلك
4 - ولما ولي عمر بن عبد العزيز كان الناس يتساءلون في زمانه كم تحفظ من القرآن وكم وردك وكم يحفظ فلان وكم يصوم وأمثال ذلك.
العدل والإحسان:
1-العدل قوام الملك ودوام الدول وأساس كل مملكة سواء كانت نبوية أو اصطلاحية.
2- أما الإحسان، فقد أمر الله تعالى بالعدل ثم علم سبحانه أنه ليس كل النفوس تصلح على العدل بل تطلب الإحسان وهو فوق العدل فقال : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان".
فوائد وحكم:
1-لو وسع الخلق العدل لما قرن الله به الإحسان فمن لم يصلح حتى يزاد على العدل كيف يصلح إذا لم يبلغ به العدل.
2- وحكى ابن عطية في تفسيره حكاية معناها أنه شكي على بعض العمال عند خليفة زمانه فكشف عن سيرته فلم يوجد عليه شيء من الجور فقال الخليفة لا أعزله عنكم وهو عادل فقال له بعض الناس صدق أمير المؤمنين هو عادل ولكن لم يحسن وقد أمر الله بالعدل والإحسان فعزله عنهم.
3- و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إمام عادل خير من مطر وابل وأسد حطوم خير من سلطان ظلوم وسلطان ظلوم خير من فتنة تدوم.
4 - وقال سليمان بن داود صلى الله عليهما وعلى جميع الأنبياء: "العدل والرحمة يحفظان الملك".
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟الطرق إلى العدل:
ومن أراد من ولاة الأمور العدل الذي أمر الله به والتوصل إليه فليسلك من الطرق مايحفظ عليه ملكه في الدنيا ويكون سببا إلى الملك الحق في الدار الأخرى.
1-وخلاصة القول في ذلك: أن يجمع السلطان إلى نفسه حملة العلم الذين هم حفاظه ورعاته وفقهاؤه فهم الأدلاء على الله والقائمون بأمر الله والحافظون لحدود الله والناصحون لعباد الله.
2- وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".
3- فيجب عليه أن يتخذ العلماء شعارا والصالحين دثارا فتدور المملكة على نصائح العلماء ودعوات الصلحاء فيا سعادة ملك يدوربين هاتين الخصلتين.