في ظل اتجاه العالم للبحث عن طرق لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، طور علماء في ألمانيا طريقة لتحويل الفشار إلى مادة عازلة بأقل تكلفة وأكثر استدامة وصديقة للبيئة، بما يتيح استخدامها في تشييد المنازل التي تولد ما يقرب من 40 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام، أكثر من 10 في المائة منها مصدره مواد البناء والإنشاءات.
ويقلل العزل الجيد من تكاليف التدفئة، مما يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكن حوالي 90 في المائة من العزل مصنوع من البلاستيك القائم على البترول أو الألياف المعدنية. تولد هذه المواد غير المتجددة، الكربون أثناء التصنيع ونادرًا ما يتم إعادة تدويرها عند هدم المبنى، مما يزيد من التلوث.
كشف فريق بحثي في جامعة جوتنجن عن ألواح عازلة مصنوعة من حبوب الفشار التي لا تحبس الدفء فحسب، بل توفر أيضًا حماية جيدة ضد الحرائق كما أنها مقاومة للماء.
قال الباحث الرئيسي علي رضا خرازيبور، أستاذ علم الفطريات التقنية في الجامعة في بيان: "هذه العملية الجديدة، القائمة على صناعة البلاستيك، تتيح إنتاج ألواح عازلة بتكلفة منخفضة على نطاق صناعي، خاصة في مجال العزل في البناء، وهذا يضمن أن مواد العزل الطبيعي لم تعد مجرد منتجات متخصصة".
صدفة محضة
واستلهم خرازيبور، فكرة ابتكاره الفريد في عام 2008 من خلال ملاحظة الخصائص الفريدة للفشار أثناء ذهابه إلى السينما، عندما كان يمسك بقطعة بين أصابعه، ولاحظ تشابهها مع البوليسترين، المادة المستخدمة في صناعة الستايروفوم.
قال خرازيبور: "لقد شعرت وكأنها بوليسترين وخفيفة الوزن". ومع ذلك، لا يحتوي الفشار على سلبيات البوليسترين، والتي ثبت أنها تلحق الضرر بالبيئة وتضر بالبشر.
لا يتحلل البوليمر الموجود في كل مكان بيولوجيًا، وغالبًا ما تتغذى عليه الحياة البحرية التي تعتبره طعامًا. كما تم ربطه بالسرطان وفقدان البصر والسمع وضعف الذاكرة وتأثيرات الجهاز العصبي لدى البشر.
يحتوي الستايروفوم على مادة الستيرين، التي تتسرب إلى الأطعمة والمشروبات المحمولة في حاويات الإخراج المصنوعة من الستايروفوم. وعندما يتعرض الستايروفوم لأشعة الشمس، فإنه يولد ملوثات للهواء تؤدي إلى استنفاد طبقة الأوزون، بحسب صحيفة "ديلي ميل".
اظهار أخبار متعلقة
فكرة الاختراع
عكف خرازيبور وفريق من الباحثين على الابتكار الذي استلهموا فكرته من الفشار، قبل أن يكشفوا النقاب عنه في معرض (LIGNA) التجاري الصناعي في عام 2019، حيث عرضوه كبديل نباتي للستايروفوم الذي يمكن استخدامه في "تغليف الأجهزة الإلكترونية، وألواح العزل الصوتي، وأوراق الأبواب وحتى الوسائد الداعمة.
ويسعى الباحثون حاليًا إلى استخدامه في عزل المباني، بعد أن وقعت الجامعة اتفاقية ترخيص مع مجموعة "باشل"، وهي شركة ألمانية لمواد البناء، للاستخدام التجاري.
قال مايكل كوبلباك، المدير الإداري لمجموعة "باشل": "يسعدنا إطلاق مثل هذا المنتج المبتكر للعزل باستخدام الفشار في السوق جنبًا إلى جنب مع جامعة جوتنجن".
وأضاف: "بالنسبة لنا، يعد هذا معلمًا مهمًا آخر في تطورنا الاستراتيجي نحو أن نصبح موردًا متكاملًا للعزل متعدد المواد. يكمل عزل الفشار نطاق الجودة لدينا تمامًا ويعني أنه يمكننا الاستجابة بشكل أكثر دقة للمتطلبات المختلفة للسوق وعملائنا".