يلجأ الكثير من الأمهات لبعض الناس من أجل رقية أبنائهم، حتى وإن كان لا يحفظ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء والرقية، الأمر الذي يجعل أبنائهن عرضة للحسد، فقد ثبت عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أنه كان يرقي الحسن والحسين وهما طفلان صغيران، من السحر والحسد.
وقد أوصانا النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" ببعض الأدعية وآيات القرآن الكريم التي نحصن بها أنفسنا وأولادنا، بأنفسنا، دون اللجوء للغير من الناس، فالدعاء لا توجد فيه وساطة بين العبد وربه، فقد أمر ربنا سبحانه وتعالى جميع المسلمين أن يتوجهوا إليه بالدعاء فهو قريب مجيب.
وقد روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ".
وعن الرقية قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا) رواه مسلم.
وقد روى الإمام البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أنّ النبي - صلّى الله عليه وسلّم - كان يعوّذ بعض أهله فيمسح بيده اليمنى ويقول: (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا).
والرقية الشرعية تكون بوضع اليد اليمنى على موضع الألم، والتسمية بالله، وطلب الشفاء منه، فقد شكا عثمان بن أبي العاص ألمًا في جسده للنبي "صلى الله عليه وسلم" فقال له: (ضَعْ يَدَكَ علَى الذي تَأَلَّمَ مِن جَسَدِكَ، وَقُلْ باسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ).
اقرأ أيضا:
أذكار وتسابيح كان يداوم عليها النبي كل صباح ومما رواه علي بن أبي طالب أيضًا: (لدغتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عقربٌ وهو يصلِّي فلما فرغ قال لعن اللهُ العقربَ لا تدعُ مصليًا ولا غيرَه ثم دعا بماءٍ وملحٍ فجعل يمسحُ عليها ويقرأُ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُوْنَ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوْذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (صحيح ابن ماجه).
ورُوي عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنّها قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ).
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتِ المُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا " .
وقوله: (فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا) لا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك كل ما كان يتعوذ به من التعوذات الشرعية الدالة على التوحيد وحسن الظن بالله والثقة به؛ اكتفاء بالمعوذتين.
ولكنه محمول على أن التعوذ بالمعوذتين أولى من غيرهما، وقد روى أبوداود عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: "بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْجُحْفَةِ، وَالْأَبْوَاءِ، إِذْ غَشِيَتْنَا رِيحٌ ، وَظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ بِأَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَأَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَيَقُولُ: (يَا عُقْبَةُ، تَعَوَّذْ بِهِمَا فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا) ".
فلما كانتا أفضل ما تعوذ به المتعوذون كانتا أولى من غيرهما، لأنهما من القرآن، والقرآن أفضل الذكر.