النبي صلى الله عليه وسلم مؤيد بالوحي، والذكاء والفطانة صفات ملازمة للأنبياء، وبغير الوحي كانت هذه الصفات ملازمة لهم وهي واجبة في حقهم، وقد ظهرت فطانته النبي صلى الله عليه وسلم على غيره ممن عاصره أو سبقه من العقول الكبيرة ومن ذلك:
1-ما رواه الصحابة أنه: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر وجدنا عندها رجلين رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط فأما القرشي فأفلت وأما مولى عقبة فأخذناه فجعلنا نقول له كم القوم فيقول هم والله كثير عددهم شديد بأسهم.
فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه حتى انتهوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: كم القوم؟.
فقال هم والله كثير عددهم شديد بأسهم فجهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره كم هم فأبى ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم سأله كم ينحرون من الجُزُر – الإبل-فقال: عشرا لكل يوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القوم ألف.. كل جزور لمائة.
2- كما كان صلى الله عليه وسلم من ذكائه كما روى الصحابي كعب بن مالك قلما يريد غزاة يغزوها إلا ورّى بغيرها، أي أظهر أنه يريد وجهة غير التي يريده، ولعل حادث الهجرة كان مَعْلَما قويا في ذلك، حيث بدأ صلى الله عليه وسلم الهجرة بالاتجاه تجاه غار ثور إلى الجنوب، وليس الشمال باتجاه المدينة، هو ما كانت تطلبه فيه قريش.
3- وروى الصحابي أبو سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا أيها الناس إن الله عز وجل يعرّض بالخمر سينزل فيها أمرا فمن كان عنده منها شيء فليبعه فلينتفع به.
قال: فما لبثنا إلا يسيرا حتى قال صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية – آية تحريم الخمر- وعنده منها شيء فلا يشربه ولا يبيع فاستقبل الناس بما كان عندهم منها طرق المدينة فسفكوها.
4- ومن ذلك في حديثه في الإسراء حينما طلب منه نبي الله موسى عليه وعلى النبي أفضل الصلاة والتسليم أن يسأل ربه تخفيف الصلاة من خمسين صلاة حتى صارت خمس صلوات بأجر خمسين.
فكانت الصلاة تنزل في كل مرة خمسا خمسا، حتى وصلت إلى خمس ليس بعده إلا العدم، ففطن النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمة لن تبقى بدون تكليف، فقال: " استحييت من ربي".
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها