لماذا تؤذي غيرك.. لماذا تحاول أن تنتصر لرأيك دائما.. لماذا تسلب الآخرين حقوقهم.. لماذا تتعاظم على الناس وتزدريهم؟!!
ذنوب تأكل الحسنات:
إن مجرد أن تقع في واحدة من هذه الذنوب كفيلة بأن تأكل حسناتك إن استمريت عليها.. فالمعني بك كمسلم أن تنشر الخير بل تنثره نثرا وتحفز الناس عليه لا أن تكون معول هدم يؤذي الناس وينشر الضرر..
ومما يدل على عظم ذنب إيذاء الغير قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}، قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال الله تعالى: «من عادى لي ولياً فق آذنته بالحرب».
المفاضلة في الخير:
وإذا كان لفعل الخير مفاضلة فإن أقل البر ألا تضر.. ولهذا وصى النبي من لم يجد خيرا ليقوله أن يصمت.. فقال: فلتقل خيرا أو لتصمت؟، وبهذا يعلم أن الامتناع عن الشر هو في نفسه عمل من أعمال الخير؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيله. قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها. قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تعين صانعا، أو تصنع لأخرق. قال: فإن لم أفعل؟ قال: تدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك. رواه البخاري. ورواه مسلم بلفظ: تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك.
قال الصنعاني في شرح الجامع الصغير: "صدقة منك على نفسك" أي تؤجر عليه كما تؤجر على الصدقة.
الامتناع عن الشر باب من أبواب الخير:
فمجرد امتناع المسلم أن يؤذي غيره ويلحق به الضرر هو في حد ذاته عمل خير لكن المرجو ألا يقف عند هذا الحد بل يسعى لتحصيل الخير للناس أجمعين، يقول ابن هبيرة في الإفصاح: في هذا من الفقه إن الإنسان إذا ضعف عن أن يعمل الخير، فينبغي أن يكون أقل أحواله الكف عن الشر، فإنه إذا لم يطق أن يعمل خيرًا، فلا أقل من أن لا يعمل شرًا. وهذا من غاية تنبيهاته - صلى الله عليه وسلم - ولطفه في حسن الموعظة. وقوله: (فإنها صدقة منك على نفسك) في هذا من الفقه أن الإنسان إذا أتى شيئًا من الشر، فقد عرض نفسه لاحتمال العقوبة على ذلك الشر، فإذا كف عنه فقد تصدق على نفسه بإراحتها من احتمال تلك العقوبة حين لم يمكنه أن يسعى في أن يحصل لنفسه الفوائد والغنائم، فلا أقل من أن يتصدق عليها بأن لا يعرضها من البلاء لما لا تطيقه.