صدقة الشتاء، هي البر الأعظم الذي يغفل عنه كثير من الناس، إذ يسميها العلماء (الصدقة أيام الحاجة)، وما أكثر هذه الأيام في الشتاء التي يحتاج فيها الناس للتدفئة، والملابس الشتوية، وغيرها من مقومات الحياة اليومية.
هناك ملايين من المسلمين من يعيشون في مخيمات، وتتساقط عليهم الثلوج طوال أيام الشتاء، وبالتالي قد يكون مجرد التبرع (ببطانية) أو (دفاية) رغم رخص ثمنها، لها مردود عظيم وكبير جدًا عند الله سبحانه وتعالى، فإن الصدقة كلما كانت أنفع للخلق، وأخلص للرب، كانت أفضل وأعظم أجرًا، فتفقدوا إخوانكم الفقراء وجودوا عليهم مما جاد الله به عليكم.
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» (الحجرات: 10)، فكيف تتحقق هذه الإخوة، وكثير منا يموت من البرد، وآخرين ينسونهم!.
رؤيا عجيبة
لو علم كل إنسان الفضل العظيم من وراء صدقة الشتاء، لأخرج كل ما يملك في سبيل الله، إذ يروى أنه رأى رجل في الشام، رؤيا عجيبة في المنام، فجهز لها متاعه ودابته، ثم انطلق إلى المدينة المنورة، يقطع الصحراء، حتى إذا بلغ المدينة، صار يسأل الناس: دلوني على صفوان بنِ سليمٍ، فقيل له: وما حاجتك بصفوانَ بنِ سليمٍ؟، فقال: رأيته في المنام وقد دخل الجنة، فقيلَ له: بأي شيءٍ؟، قالَ: بقميص كساه إنسانًا.. فسئل صفوان عن قصة القميص، فقَال: "خرجت من المسجد في ليلة باردةٍ فإذا رجل عُريان، فنزعت قميصي فكسوته».. مجرد قميص بسيط قد يكون ثمنه قليل جدًا، لكنه كسى عريانا من برد الشتاء، فكانت النتيجة أن بشره الله عز وجل، -وهو لايزال على قيد الحياة-، بالجنة.
اقرأ أيضا:
8ثمار رائعة للإيمان بالقضاء والقدر ..مصدر انشراح الصدر والرزق الوفير .. سلم زمام أمرك للهبذل المال
الناس يحبون المال، لذا إذا أنفق الواحد منهم مما يحب، فإنه أمر عظيم عند الله عز وجل، قال تعالى: «قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ» (إبراهيم: 31)، فلن ينفق أحدهم إلا ليقينه وإيمانه بأن ما أنفقَه لله تعالى، خير له مما أبقى.
قال تعالى: «إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» (البقرة: 2719، فالعبادةَ إلى الله إذا كانت بمساعدة الغيرِ، فإنها من أحب الأعمال إلى اللهِ تعالى، كما في حديثِ ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟، وأي الأعمال أحب إلى الله عز وجل، فقال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله، سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعًا، أو تقضي عنه دينًا».
وبالتالي ما هو شعور ذلكَ المسلم العرين في برد الشتاء، وهو يكتسي بعد العري، ويشعر بالدفء بعد البرد، مؤكد شعور عظيم، لن يوفيه حقه وأجره إلى الله عز وجل.