البعض يتمنى لو أن الله عز وجل يطيل له في عمره، وهو لا يدري أنه بيده ذلك، فقط عليه أن يواصل البر بالناس، وبالتأكيد الأقربون أولى، لأنه إذا فعل ذلك، زاد الله في عمره.
جاء عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ما يدل على أن البر من أسباب الفسح في الأجل، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: «لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر»، يعني: بر الوالدين.
ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم : «من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أجله فليصل رحمه»، وبالتالي فإنه أيضًا بر الوالدين وصلة الرحم من أسباب البركة في العمر، ومن أسباب الفسح في الأجل، لكن كم منا الآن بالفعل يصل رحمه على أتم ما يكون؟.
تغيير القدر
يؤكد العلماء أن الأمر لا يعني تغيير القدر المكتوب والمحتوم، لأن ما قدره الله سابقًا هو على ما قدره لا يتغير، لكنه سبحانه يعلق أشياء بأشياء، فهذا يبر والديه ففسح الله له في الأجل بسبب والديه -ببر والديه- وقد سبق هذا في القدر السابق أنه يبر والديه وأن يقع له كذا وكذا، وأن يؤخر إلى كذا وكذا، وهذا يصل أرحامه فيؤخر أجله وهذا يتصدق كثيرا ونحو ذلك.
وقد ثبت في الحديث أن من أسباب طول العمر بر الوالدين وصلة الرحم، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه».
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا: «إن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل»، كما أخرج أحمد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مرفوعا: «صلة الرحم وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار».
اقرأ أيضا:
كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنبخير الناس
وطول العمر قد يكون سببًا في أن يجعلك من خير الناس، فعن أبي صفوان عبد الله بن بشر الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ».
وفي هذا دليل على أن مجرد طول العمر ليس خيرًا للإنسان إلا إذا أحسن عمله؛ لأنه أحيانًا يكون طول العمر شراً للإنسان وضرراً عليه، كما قال الله تبارك وتعالى: « وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ » (آل عمران: 178).
فهؤلاء يملى الله لهم - أي يمدهم بالرزق والعافية وطول العمر والبنين والزوجات، لا لخير لهم ولكنه شر لهم - والعياذ بالله لأنهم سوف يزدادون بذلك إثماً على إثمهم، فليحذر المسلم أن يقع في غي الدنيا وزخرفها، وإنما يعلم يقينًا أن خشية الله عز وجل هي الخلاص والنجاة.