عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ".
كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الشباب، رحيما ودقيقا جدا، وذلك من خلال تعهدهم اليومي بالرعاية والنصح والتوجيه والإجابة عن كل تساؤلاتهم، حتى وإن تعلقت بغريزة الجنس، بلطف وأدب مقنعاً إياهم بكل ما هو حلال يرضاه الله تعالى وفيه خير للناس أجمعين، ومبعداً إياهم عن كل ما هو حرام يغضب الله تعالى وقد يتسبب في إفسادهم.
ويحسم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، أمرا هاما من أمور المسلمين يتوقف عليه صلاح الفرد والمجتمع، وتكوين أمة قوية بسواعد شبابها، حينما يحذر من التعسف في تزويج الشباب، وطالبي العفاف، كما حذر من أن الوقوف عقبة في طريق النكاح والزواج هو فساد كبير في الأرض.
فكم من شاب تجاوز الأربعين، ولم يتزوج حتى الآن نتيجة المغالاة في المؤخر وتجهيز المنزل، والمطالب التي يعجز شاب في الوقت الحاضر عن تلبيتها، وكم من فتاة تجاوزت نفس السن، نتيجة تعسف أبيها في المغالاة في مهرها وشبكتها، والعمل بالعرف السائد: " خليها في بيت أبيها أفضل"، الأمر الذي ادى لمسخ جيل الشباب، وخلق جيل مشوه مريض بالأمراض الجنسية والكبت العاطفي.
ويرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يزوجوا من يرضون دينه وأماناته وخلقه وأخلاقه. وما ذاك إلا أن الشباب إذا بلغوا سن النكاح، فهم مضطرون أن يطلبوا النكاح وأن يتقدموا بطلبه، وكذلك أيضا الإناث إذا بلغن سن المحيض فإن الحاجة داعية إلى تزويجهن، فالشباب الذكور بحاجة إلى أن يزوجهم أولياؤهم ويساعدوهم، والفتيات الإناث بحاجة أيضا إلى أن يزوجهن أولياؤهن وألا يؤخروا تزويجهن.
وأكد النبي صلى الله عليه وسلم، من أن رفض زواج الشاب رغم حسن أخلاقه هو فساد كبير في الأرض، لأنه تحريض لهذا الشاب على الحرام حينما تقطع عنه الحلال، ونصح النبي صلى الله عليه وسلم، أن تختار فقال صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
فلأجل ذلك يُختار صاحب الدين وصاحب الأمانة؛ لأن المرأة تعتبر أمانة عنده كأن أهلها ائتمنوه عليها قالوا: نحن نأمنك على هذه المرأة الضعيفة نأمنك على دينها تمكنها من أن تؤدي عبادة الله، فنأمنك على دينها تحجزها عن الحرام وعن ما لا يحل، نأمنك عليها أن تعطيها ما تستحقه من العشرة بالمعروف ومن النفقة والكسوة بالمعروف قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وقال تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ .
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسناتماذا يفعل الكبت الجنسي وعدم الزواج للشباب؟
ينص الشرع الشريف على حق الرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ في حق التزوج وتأسيس أسرة، ويقول النبي : «وفي بضع أحدكم صدقه، فقيل له: أيأتي أحدنا شهوتَه، ويكون له فيها أجر؟ فقال: أرأيتم إنْ وَضَعها في حرامٍ أكان عليه وِزْرٌ، فكذلك إذا وَضَعها في حلالٍ كان له فيها أَجْرٌ». رواه مسلم.
ومنذ أن خلق الله الأرض ومن علها شرع لعباده الزواج، والتناسل والتكاثر، وكان الزواج هو الإطار الواضح لممارسة الجنس في مجتمعاتنا المسلمة، متى ندرك البلوغ، ولكن كيف تخلق شابا متزنا الآن أو فتاة متزنة، وقد تجاوزا الثلاثين من عمرها، ولم يمارسان هذه الغريزة التي خلقها الله في كل إنسان، وجعلها سببا في الحياة والوجود؟.
فلو افترضنا أن سن البلوغ 13 عامًا، فنحن نتحدث عن 17 عامًا لا يلمس خلالها الذكر أي أنثى، فهذا عندما يتزوج من هو في سن الثلاثين، فكيف لا يوجد كائن في الكوكب يقضي 17 عامًا دون أن يجتمع بالنوع الآخر؟.
بل قد لا يفكر الأب الذي يعطي لنفسه ذلك الحق، في أن يتزوج ويعدد في بعض الأوقات، في خطورة هذا الكبت الجنسي عند ابنه وابنته وقد أصبح عمرها متجاوزا للثلاثين، وبدأ المجتمع يغالي في سن الزواج والمهور والمطالب التي تؤسس الأسرة من خلالها من مسكن وأثاث الشقة.
وارتفع سن الزواج عشرة أعوام عند المغربيات، من 17 سنة تقريبًا في 1960، ووصل إلى 25.8 سنة عام 2014. وفى الأردن ارتفع متوسط سن الزواج للذكور إلى 30.2 عامًا في 2015 بعدما كان 26 عامًا في 1979.
لتصبح هذه الأجيال المظلومة هي الوحيدة في التاريخ الممنوعة من ممارسة حقها في الزواج، والتكاثر، وتلبية احتياجاتهم، في الوقت الذي يعتبر فيه البعض أن الزواج المبكر تخلف ورجعية.