عزيزي المسلم، مهما اشتد البرد عليك، إياك أن تسب الريح، فإنها مأمورة بالأساس، بأمر الله عز وجل، ولا يمكن لها أو لغيرها من سائر المخلوقات أن تعصي الله سبحانه وتعالى أبدًا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أمرت به».
وقد نقل الإمام النووي في كتابه «الأذكار» عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، أنه قال: «ولا ينبغي لأحد أن يسب الرياح؛ فإنها خلق لله تعالى مطيع، وجند من أجناده، يجعلها رحمة إذا شاء، ونقمة إذا شاء».
الريح مأمورة
في أيام الشتاء هذه، تأتي الريح، بما قد لا يتناسب مع الكثير من الناس، فقد تمنع البعض من الخروج من المنزل، أو تعطل البعض الآخر عن أعماله، لكن في النهاية هي مأمورة، وما يحدث لك ولغيرك، إنما بقضاء الله وقدره، ولا يستطيع كائن من كان تغيير القدر أبدًا، لأنه قدرة إلهية فقط.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلًا لعن الريح عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تلعن الريح؛ فإنها مأمورة، من لعن شيئًا ليس له بأهل، رجعت اللعنة عليه»، فضلا عن أن هذه الريح إنما هي من روح الله عز وجل، فكيف بنا نسب أمرًا خلقه الله وأمره بفعل شيء؟، ألا نخشى أن يكون هذا الأمر اعتراضًا منا على قضاء الله وقدره، وحينها تكون مشكلة كبيرة جدًا، لأن الاعتراض على قضاء الله وقدره من أكابر وأعاظم الذنوب.
اقرأ أيضا:
فحيوا بأحسن منها.. كيف تقابل الخير بالخير؟ظاهرة كونية
الريح مثلها مثل باقي الظواهر الكونية، مخلوقة ومأمورة، وليس لنا وخصوصًا المسلمين، أن نعترض عليها أو نسبها، وإنما نسبح الله كما هي تسبح الله.
قال تعالى يؤكد ذلك: «وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ»، فكيف بنا نسب أمرًا هو في الأساس يسبح الله عز وجل، وينفذ ما أمره الله به، ولذلك فقد نهى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، عن سب الريح لأنها مأمورة بما تجيء به من رحمة أو عذاب، وأنها مسخرة مذللة، مصرفة بتدبير الله تعالى وتسخيره، فالذي يسب الريح يقع سبه على من صرفها.
قال تعالى: «وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ».. (البقرة : 164).