في إحدى الجنازات، سمع أحدهم يقول (اللهم حبب إلينا قرع النعال)، ما أثار حفيظة المشاركين في الجنازة، إذ سألوا ماذا يعني ذلك؟.
والحقيقة أنه لدعاء عظيم، إذ يستغيث المؤمن من أولى لحظات دخول القبر، لكن في ذات لو كان الاستقبال طيب من قبل ملائكة الله عز وجل، وكان من المقبولين فإنه يسأل الله بسرعة رحيل المشيعين، حتى يتركوه لمصيره (الطيب والحسن)، وهو أمر لو يعلمه كثير من الناس لظلوا يسألون الله عز وجل بهذا الدعاء ليل نهار، فاللهم حبب إلينا صوت خطاوي الناس وهي ذاهبة وتتركنا بعد دخول القبر.. ولا تجعلنا نستوحش القبر أبدًا يارب العالمين، وآنسنا بك يا الله ولا تتركنا وحدنا، فأنت القادر على أن تتجاوز عن كل ذنوبنا، وتمنحنا لحظات هي الأسعد لنا على الإطلاق، حينما ندخل القبر لأول مرة، فاللهم اجعلنا في شوق إلى القبر، ونتعجل رحيل المشيعين استعدادًا لما هو أجل بإذن الله.
أولى لحظات القبر
لاشك أننا في الدنيا نتصور أن أولى لحظات القبر، هي الأصعب على الإطلاق، ونخشاها جميعًا، لكن من وثق في الله وعمل بعمل أهل الجنة، لا يمكن أن يخذله الله أبدًا.
لذلك يقول عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين لبعض جلسائه يومًا: «يا فلانُ، لقد بِتُّ الليلةَ أتفكَّرُ في القبر وساكنه، إنك لو رأيتَ الميت بعد ثلاث في القبر، لاستوحشت من قُربه بعد طول الأُنس منك بناحيته، ولرأيت بيتًا تجول فيه الهوامُّ، ويجري فيه الصديد، وتخترقه الديدان، مع تغيُّر الرائحة، وبلى الأكفان، بعد حسن الهيئة، وطيب الرِّيح، ونقاء الثوب، ثم شهق شهقة خرَّ مغشيًّا عليه».
وقد صدق عمر لأنك لو نظرت إلى القبر لرأيت منظرًا فظيعًا، ستجد لحمًا مقطعًا، ودماءً تسيل، وأشلاءً ممزقة، وعظامًا متناثرة، وديدان تجول بجسد الإنسان، فيا له من منظر تقشعر له الأبدان، لكن هذا ليس بحال المؤمن، لأن نزول القبر للمؤمن، يكون كاستقبال الفاتحين، وبالتالي يكون أسعد أيامه لاشك.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد لرمضان من رجب؟.. خاب وخسر من لم يستعد لشهر التوبةالحقيقة المؤكدة
القبر هو الحقيقة المؤكدة التي ليس فيها أي شك على الإطلاق، لكن من عمل له، فاز، ومن غفل عنه، وقع في أزمة كبيرة.
عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين».