قال رجل للعابد يونس بن عبيد: تعلم أحدا يعمل بعمل الحسن البصري؟ قال: والله ما أعرف أحدا يقول بقوله فكيف يعمل بعمله!
قيل: فصفه لنا، قال: كان إذا أقبل فكأنه أقبل من دفن حميمه، وإذا جلس فكأنه أسير أمر بضرب عنقه، وإذا ذكرت النار فكأنها لم تخلق إلا له.
الدنيا والأمل والزهد:
-قال سفيان الثوري: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ ولا لبس الغليظ.
- وقال العابد يوسف بن أسباط: لو أن رجلا في ترك الدنيا مثل أبي ذر وأبي الدرداء وسلمان، ما قلنا له: إنك زاهد، لأن الزهد لا يكون إلا على ترك الحلال المحض، والحلال المحض لا نعرفه اليوم، وإنما الدنيا حلال وحرام وشبهات؛ فالحلال حساب، والحرام عذاب، والشبهات عتاب، فأنزل الدنيا منزلة الميتة خذ منها ما يقيمك، فإن كان ذلك حلالا كنت زاهدا فيها، وإن كان حراما لم تكن أخذت منها إلا ما يقيمك كما يأخذ المضطر من الميتة، وإن كان عتاب كان العتاب يسيرا.
- وقيل: ليس الزهد بترك كل الدنيا، ولكن الزهد التهاون بها وأخذ البلاغ منها. قال الله تعالى: "وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين"، فأخبر أنهم زهدوا فيه وقد أخذوا له ثمنا.
- وقال أبو سليمان الداراني: الرضا عن الله والرحمة للخلق درجة المرسلين، وما تعرف الملائكة المقربون حد الرضا. - - وقال أيضا: أرجو أن أكون قد نلت من الرضا طرفا، لو أنه تبارك وتعالى أدخلني النار كنت بذلك راضيا.
- وقال: وليس الحمد له أن تحمده بلسانك وقلبك مقتصر على المصيبة، ولكن هو أن تحمده بلسانك وقلبك مسلم راض.
- وقال له تلميذه أحمد ابن أبي الحواري: بلغني في قول الله تعالى: "إلا من أتى الله بقلب سليم"، أنه الذي يلقى ربه وليس فيه أحد غيره، فبكى وقال: ما سمعت مذ ثلاثين سنة أحسن من هذا.
- وقال: كل قلب فيه شرك فهو ساقط. قال: وما في الأرض أحد أجد له محبة ولكن رحمة.
- وقال: ينبغي للخوف أن يكون أغلب على الرجاء، فإذا غلب الرجاء على الخوف فسد القلب.
- وجاء صديق لأحد العلماء فقال: لو أحييت سُنّة قد تركها الناس: إرخاء طرف العمامة من الجانب الأيسر! قال: يا بن أخي، ما كان أحسنها! تركها الناس فتركناها، ما أحب أن أعرف في خير ولا شر.
اقرأ أيضا:
أبو بكر "قلب الأمة الأكبر" بعد النبي و" أمير الشاكرين"