يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف:180)، وهنا يبين سبحانه أن له الأسماء الحسنى التي لا يعتريها نقص، بل هي كاملة.
ومن هذه الأسماء، اسم الله (الحميد)، فهو المستحق للثناء والحمد حقيقةً، وهو المحمود على كل حال، وكل أفعاله في الكون ممدوحة ففيها الخيرية والحكمة مهما كان ظاهرها، فقد يُظهر الله الخير في الأفعال أو يبطنه، فهو المحمود الحميد على كل ظاهر وباطن.
وقد ورد اسم الله الحميد في القرآن الكريم في كثير من الآيات ، ومنها قوله تعالى : « وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ » (الحج:24).
معان عظيمة
لاسم الله (الحميد) معان عظيمة جدًا، فهو سبحانه (الحميد) الذي يوجه عباده إليه الحمد في السراء والضراء، لأنه أنعم عليهم واجتباهم، وأسكنهم رضوانه واصطفاهم، قال تعالى، عنهم: «وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ» (فاطر:34).
وقال أيضًا عز وجل: «وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ» (الأعراف:43)، وبالتالي من دلالة هذا الاسم، أنه لا ينبغي صرف الحمد إلا له، فهو من بسط لهم من فضله، وأغدق عليهم جزيل عطائه، فله جميع المحامد بأسرها، لأنه بدأ فأوجد، وخلق ورزق، وأنعم وأحسن، لا إله إلا هو، ولا رب سواه، كثرت مننه حتى فاقت أي عد مهما كان، فمن ذا الذي يستحق الحمد سواه؟ بل له الحمد كله لا لغيره، كما أن المن منه لا من غيره.
نعم لا تحصى
ومن أجمل خصائص اسم الله (الحميد) أنه اقترن في القرآن الكريم، بالعديد من الأسماء الإلهية الأخرى، فقد ذكر الله نفسه باسم الحميد في القرآن سبع عشرة مرة، فهو سبحانه، (الغني الحميد)، وهو (الولي الحميد)، كما اقترن اسم الله الحميد باسمه الغني كما في قوله: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» (فاطر:15)، واقترن أيضًا اسمه الحميد بالعزيز كما في قوله: «وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» (سبأ:6).
واقترن أيضًا بالولي كما في قوله: «وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ» (الشورى:28)، واقترن بالمجيد كما في قوله: «رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيد» (هود:73)، واقترن بالحكيم كما في قوله: «تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (فصلت:42)، فالله هو الحميد في ذاته، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فله من الأسماء أحسنها، ومن الصفات أكملها، ومن الأفعال أتمها وأحسنها.