عليك أن تعي يقينًا أنك ستُنسى مهما كانت مكانتك، وستُدفن مهما كانت قيمتك، لكن هناك ما تفعله، فيجعلك ذو مكانة كبيرة وعالية جدًا حتى تحت التراب، ويعلو من قدرك، وأنت بين الفناء، وهو المحافظة على قراءة القرآن.
ومع هذه الأيام المباركات (رجب وشعبان ورمضان)، يفضل اللجوء إلى القرآن في كل وقت، فهو الأمان حيث يغيب كل أمان، وهو السند حيث يغيب كل سند، وقد وردت الأحاديث بفضل تلاوة القرآن عمومًا وبعض السور خصوصًا.
ففي صحيح مسلم «أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لم تقرأ حرفاً منها إلا أوتيته»، وقال صلى الله عليه وسلم: «البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان».
الملائكة تحيط بك
من منا لا يتمنى لو أن يرى الملائكة، وهو لا يدري أنه يستطيع أن يجمع الملائكة من حوله، فقط بأن يقرأ بعضًا من آيات الذكر الحكيم.
إذ يروى أنه كان أسيد بن حضير رضي الله عنه يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، وله ابن قريب منها، فجالت الفرس، فسكت، فسكنت، فقرأ، فجالت الفرس مرة ثانية، فسكت، فسكنت، ثم قرأ، فجالت الفرس مرة ثالثة، فخاف أن تصيب ابنه، فانصرف، ثم رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فإذا مثل الظلمة فيها أمثال المصابيح، فلما أصبح أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «أتدري ما ذاك؟ قال: لا، قال: تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى فيهم».
ولم لا وقد سمى الله عز وجل القرآن بأنه نور، وجعله للناس شفاءً، قال تعالى: « وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ » (الشورى: 52).
اقرأ أيضا:
العمل في الدنيا 4 أنواع بحسب نيتك ..اعرف مدى إخلاصك حتى يرضى عنك ربكأهل القرآن
اجتهد لأن تكون من أهل القرآن، واحذر أن تعرض عنه، لأن من يعرض عنه يبتليه الله بعيشة ضنكة، قال تعالى: «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى» (طه:124-125).
يقول ابن عباسٍ رضي الله عنه: «ذِكْرُ اللهِ تعالى هنا هو القرآنُ تَكَفَّلَ اللهُ تعالى لمن أخذَ بالقرآنِ ألّا يَضِلَّ في الدنيا ولا يَشقى في الآخِرَة، ثم قرأ: «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى» (طه:123)».
فالأمر إليك، إما أن تستدعي الملائكة من حولك، بقرار منك، بقراءة القرآن، فلا تُنسى أبدًا في قبرك، أو أن تَنسى القرآن فتعيش في ضنك، وتُنسى في قبرك.