مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك ..
أقدر ما تعانيه من وحشة لبعدك عن والدتك بطريقة تشبه "الغضب"، بل هي غصب بالفعل، وأنت بلا حيلة، ولا أستطيع في الوقت نفسه اتهام والدتك بالتخلي عنك، فهي ليست حاضرة ولا أعلم شيئًا عن ظروفها وتحدياتها واحتياجاتها كـ"إنسان"، و"أنثى"، ولكنني أستطيع الدفاع عن حبها لك، فالأمومة لا تتبدل ولا تتغير مهما كانت المواقف وحادثات الأيام والليالي.
ما ذكرته من معاناة يا ابنتي وبحسب الاختصاصيين ناتج عما يسمى بـ "اضطرابات التكيف"، فضلًا عن إشارات إلى مرورك بنوبة اكتئابية نتيجة المكث طويلًا في سوء التكيف هذا مع بيئتك الجديدة وافتقادك لوالدتك بلا حل.
فالحياة يا ابنتي تتقلب بالمرء، سفر، إصابة في حادث، إصابة بمرض، زواج، عمل، دراسة، هذه الانتقالات الحياتية والتقلبات من الممكن أن يتكيف معها البعض، بينما يعاني أيضًا آخرون من عدم التكيف فتحدث لهم اضطرابات تخصه، كردة فعل عاطفية، فتتأثر طريقة التفكير والمشاعر والسلوكيات، فيجد المرء نفسه إزاء أعراض انفعالية عاطفية ككثرة البكاء، والعصبية والخوف والقلق والحزن والرغبة في الانعزال عن الناس والاكتئاب، وأعراضًا أخرى سلوكية كالتشاجر، وتراجع الأداء الدراسي أو المهني، والابتعاد عن الأصدقاء، والأقارب، إلخ، والخطورة في حالتك أنها زادت عن الوقت المعقول بحسب الاختصاصيين وهو 6 أشهر، الذي تشخص فيه هذه الاضطرابات على أنها حادة، وتدخل في بند الإزمان إن زادت عن هذه المدة، ومن ثم لابد من سرعة طلب المساعدة النفسية المتخصصة.
لذا، وبعد هذه المناقشة حول الأمر يا ابنتي، إن استطعت إعادة برمجة طريقة تفكيرك، واستبدال الأفكار السلبية عن الحياة بعيدًا عن والدتك مع والدك وزوجته بأخرى ايجابية، كالحصول على احتياجاتك المادية بسهولة مثلًا، مما يساعدك على تحقيق نجاحات في الحياة، وشغل وقتك بالهوايات والمذاكرة، وتجاهل التصرفات التي تزعجك من قبل زوجة والدك، وتجنب التعامل معها قدر المستطاع، مع قضاء أطول فترة ممكنة مع والدتك أثناء الإجازة الأسبوعية، والصيفية، لإشباع احتياجاتك النفسية ، والتواصل معها خلال الأسبوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي حتى تعوضين شعورك بالفقد، فستخف المشكلة، وستصلين تدريجيًا للتكيف بشكل صحي، ولا تصدقي أنك "نكدية" أو تسجني نفسك في هذا "الحكم" فهو غير صحيح، لذا تناقشت معك لشرح أسباب مشاعرك التي تجعلك دومًا في هذه الحالة، ولتعرفي كيف تتعاملين معها.
وإن عجزت عن ذلك وحد يا ابنتي، فاطلبي من والدتك مساعدتك للحصول على دعم نفسي من متخصصة، معالجة نفسية، حتى يمكنك التغلب على هذه الأعراض، والتعرف على الطرق الصحية للتعامل مع مشاعرك، وأفكارك، والتكيف مع هذا الوضع المجهد لك نفسيًا، لوقايتك من العواقب الوخيمة لاستمراره بلا علاج، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.