مرحبًا بك يا عزيزتي..
قولًا واحدًا، لا تتركي بناتك.
أتفهم تمامًا وضعك، وأقدر مشاعرك، فأنت أنثى ومن حقك أن يكون لديك شريك حياة تنعمين معه بالونس، والاهتمام، والرعاية، وتجدين معه الحب والأمان.
كل هذه الاحتياجات حقك يا عزيزتي، ولكن التعامل الصحي مع احتياجاتنا النفسية يقتضي الاعتراف بها، واحترام وجودها، ولكن مع الشعور بالاستحقاق للشخص المناسب الذي يقدر هذا كله ويفهم معناه، ويشبعه بشكل حقيقي لا وهمي.
من يتقدم لك ويرفض بقاء البنات ليس الزوج المناسب، وخيرًا فعل أنه صرّح بهذا مبكرًا ولم يخدعك حتى يفوز بك ثم يقلب لك ظهر المجن.
لم يكن كل عريس تقدم لك وطلب تخليك عن بناتك هو الخير لك، فمن يحب يا عزيزتي لا يكدر ولا يجرح ولا يجبر أو يهدد، من يحب يحب ويقبل وضعك وظروفك بدون شروط، ولا تأفف، وبارتياح ورحابة صدر وليس على مضض .
عزيزتي، إن مهمة الخطأ هي أن نتعلم، وأنت وصفت زيجتك الأولى بأنها كانت متسرعة وتعسة، فأرجو أن تتعلمي من "ألم" التسرع والتعاسة!
التعلم يعني ألا نكرر أخطاءنا، وأن نخاف على أنفسنا، ونصونها، حتى يأتي من يكرمها، ويحترمها، وننتظر مهما تأخر، وهذا لن يحدث بدون أن تحبي أنت نفسك أولًا وتقدريها وتهتمي بها وتحترميها، وتشعرين باستحقاقها لهذا كله.
لازلت صغيرة في السن وهذا جيد، لم يفت العمر بعد، ولكن نضجك النفسي يحتاج إلى نمو، وكبران، ليتلاءم ومرحلتك العمرية وظروفك وتحدياتك.
الوعي والنضج النفسي والاستبصار بالذات هي أطواق نجاتك في بحر الحياة الممتليء بأسماك القرش التي تتلهف على صيد ضحايا الإحتياجات العاطفية غير المشبعة، مثلك.
ستجدينهم في أماكن العمل، والدراسة، ومعظم التجمعات، ومواقع التواصل الاجتماعي، وكل مكان، مدربون، وجاهزون للافتراس، والاستباحة لمشاعرك وجسدك وعمرك كله بمجرد السقوط في فخاخهم.
لا تلهثي وراء اشباع احتياجاتك العاطفية، وإلا ستجدين نفسك وبدون وعي تنتقين من القمامة لإشباعها، ولا تهربي من وجودها بالعمل، فتلح عليك أكثر ويهرب منك العمل وتضيع فرصه.
خوضي رحلتك للتعافي أولًا من آثار زيجتك التعسة كما وصفتيها، مع متخصصة نفسية، واقتربي من ذاتك ومشاعرك واحتياجاتك، حتى تتعلمي كيف تتعاملين مع هذا كله أولًا، بعدها يمكنك الصمود، وحسن الاختيار للشريك، وأنت في نسختك الأفضل.
عزيزتي كلما ترددت وأخرت هذه الخطوة –وأعني بها التعافي- كلما تفاقمت حالتك، وغرقت في المعاناة، وصعب الحل، وتأخرت فرصة العمل الجيدة وفرصة الشريك المناسب، وتأخرت حياتك كلها، وانعكس هذا الوضع السيء على بناتك بلا ذنب، فكما تكون الأم المطلقة يكون أطفالها، فكوني بخير ليكونوا!
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.