ما معنى أنك تعبس في وجه أخيك.. إن مجرد عبوسك تمنحه رسالة سلبية وتجعله لا يرتاح في التعامل معه والعكس صحيح.
التبسم طرقتك للتيسير على الجميع:
ومن سماحة الإسلام وبراعة تشريعاته أن جعل مجرد ابتسامتك في وجه أخيك صدقة يثاب فاعلها، فحينما تلق الناس بوجه طلق تؤجر على هذه المقابلة وإن لم تتحدث وهذا يجعلك عنوانا لهذا الدين السمح الذي انتشر بالأخلاق النبيلة.
وهذه هي سنة الأنبياء كما قال الإمام الزجّاج : " التبسّم أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام "، ومما يؤكد ما سبق قول عائشة رضي الله عنها : " ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكا حتى أرى منه لهواته - وهي اللحمة الموجودة في أعلى الحنجرة - إنما كان يتبسم " متفق عليه.
بل لقد حث الشرع على لقيا الناس بالبشر والتبسم حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة"، يقول ابن بطَّال: (فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة).
وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصفه: " وكان جُلّ – أي معظم - ضحكه التبسّم، يفترّ عن مِثل حبّ الغمام - يعني بذلك بياض أسنانه، وعلى ضوئه يمكن فهم قول جابر بن سمرة رضي الله عنه: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طويل الصمت قليل الضحك".
التبسم يوسع الضيق ويحبب فيك الناس:
واتبسم وسيلة لحب الناس والتفاهم معهم بيسر فهما بلغت أموالك لن تستطيع إسعاد الجميع بالهدايا والهبات ولن تملك الوقت لتشارك الجميع وتدخل البسمة ليهم لكنك بهذا الخلق العظيم والبشاشة واليسر تسعد الجميع بهذه الوسيلة البسيطة والجميلة أيضا ففي الحديث: "إنَّكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم، ولكنْ يَسَعُهم منكم بَسْطُ الوَجهِ وحُسنُ الخُلُقِ".
وتزداد الحاجة إلى البشاشة وطلاقة والوجه إذا كان للناس حاجة وطلبوا قضاءها، قال بعض الحكماء: (الْقَ صاحب الحاجة بالبِشْر، فإنْ عدمت شكره، لم تعدم عذره).
وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوانى عن خدمة المسلمين وقضاء حوائجهم ببشاشة وسعة صدر، وإنه لأحق الناس.
التبسم في حياة الصالحين:
ولقد اهتم العلماء والصالحون رحمهم الله بهذا الخلق ورغبوا فيه وكثرت نصائحهم للمسلمين أن يتحلوا به.
قال ابن عيينة رحمه الله: (والبَشَاشَة مصيدة المودَّة، و البِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام ليِّن. وفيه رَدٌّ على العالم الذي يصَعِّر خدَّه للناس، كأنَّه معرض عنهم، وعلى العابد الذي يعبِّس وجهه ويقطِّب جبينه، كأنَّه منزَّهٌ عن النَّاس، مستقذر لهم، أو غضبان عليهم).
قال الغزالي رحمه الله: (ولا يعلم المسكين أنَّ الورع ليس في الجبهة حتى يُقَطَّب، ولا في الوجه حتى يُعَفَّر، ولا في الخدِّ حتى يُصَعَّر، ولا في الظَّهر حتى ينحني، ولا في الذَّيل حتى يُضَمَّ، إنَّما الورع في القلب).
وقد سئل أعرابي عن الكرم، فقال: أما الكرم في اللِّقاء فالبَشَاشَة، وأما في العِشْرة فالهَشَاشَة، وأمَّا في الأخلاق فالسَّماحة، وأمَّا في الأفعال فالنَّصاحة، وأما في الغنى فالمشاركة، وأما في الفقر فالمواساة.