للحرام مذاق غير عادي، يأخذ العبد بعيدًا، ويشعره كأنه يطير في السماء، بينما الحقيقة هو يرفعه لأعلى مكان يم ينزل به في أسحق منطقة ليكسر عظامه، وقد لا يفيق منها إلا بعد فوات الأوان.
فاحذر عزيزي المسلم، لأن الحرام مظهره قد يكون جيدًا، وطعمه قد يكون شهيًا، إلا أن تكبده شديد المرارة، فأصعب الحرام أوله، ثم يسهل ثم يستساغ ثم يؤلف ثم يحلو ثم يطبع على القلب ثم يبحث القلب عن حرام آخر.
ولذلك يقول بعض الصالحين: إذا دعتك نفسك إلى المعصية فحاورها حوارًا لطيفًا بهذه الآية «قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ»، ويقول أحدهم: «إذا لم تستطع منافسة الصالحين فى أعمالهم فنافس المذنبين فى استغفارهم، وكرر دومًا أستغفر الله العظيم وأتوب إليه».
تعظيم الله
أساس رفض الحرام، هو تعظيم الله في قلبك، فإن كان الله أكبر مما سواه، لا يمكن أبدًا أن تقع في الحرام مهما كانت الظروف والمغريات، وإن كان -ولعياذ بالله- العكس، وقعت في كل بلاء، يقول ابن القيم رحمه الله: «من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره».
فحاول أن تخرج كل ما في قلبك من غل وحقد وحسد، فهم أساس كل بلية وخسران، إذ أنه لا يمكن للإنسان أن يقع في الشر والذنب إلا إذا كان حاقدًا على غيره يمتلك هذه النعمة، فتراه يسرق ليغتني كفلان، أو يزني كما يفعل فلان، وهي أمور لو تدبرناها لوجدناها آفة يجب مقاومتها وليس السير في طريقها، يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: «لا تكونوا كالمنخل يخرج الدقيق الطيب ويمسك النخالة، تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل فى صدوركم».
اقرأ أيضا:
سنة مهجورة.. ثواب عظيم ينتظرك يوم الجمعة إن حافظت على هذه العبادةمذاق الإيمان
في المقابل، يا من ذقت طعم الحرام وتلذذته، هلا ذقت حلاوة الإيمان يومًا؟، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رضي بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً»، وفي الصحيحين وغبرهما عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمانِ، أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمّا سِواهُما، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الْكُفْرِ كَما يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّار».
وكأن نبينا الأكرم يدلنا صراحة على طعم الإيمان، بأنه في الرضا بالله، فكيف بك عزيزي المسلم، تعليم يقينًا أن الله عز وجل هو خالقك، وسيحاسبك، وهو رازقك وهو القادر على كل شيء، ولا ترضى عنه؟.. أين قلبك من ذلك.. اجعله يفيق من غيبوبته قبل فوات الأوان.