اقترن اسماالله الغفور والودود في القرآن الكريم، ما يدل على سر بليغ وعظيم يكمن بينهما، إذ يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ» (البروج 14)، ليدل ذلك على أنأهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم.
فتخيل أن تكون بالأساس مذنبًا وبالتالي مُعرض لغضب الله عليك، لكنك بمجرد أن تتوب يحبك الله، فأي نعم أكبر أو أعلى أو أعظم من ذلك؟.. بالتأكيد لا يوجد، لكن علينا فقط التدبر جيدًا في حالنا مع الله والعودة مسرعين إليه تائبين عابدين، فقد ورد في كتابه الله عز وجل: «وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ» (هود:90).
حب متبادل
العبد التائب إنما يتوب إلى الله عز وجل لأنه يحب الله، فتكون النتيجة أن يحبه الله، وأي حب؟.. فإذا كان الإنسان حينما يحب آخر من الممكن أن يمنحه وقته وحبه واهتمامه، فتخيل ما بالنا لو أحبنا الله؟.. مؤكد سيمنحنا كامل اهتمامه، فكيف بك إذ كنت تعيش في الدنيا وأنت في رعاية الله وأمنه ليل نهار؟.. مؤكد ستكون في نعيم مقيم لا يمكن وصفه بأي حال، فالود.
والودود، من صيغ المبالغة ويأتي (الود) بمعنى (الأمنية) مثل قوله تعالى: «يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ» (البقرة:96)، وفي معنى المحبة والمرافقة التي هي من لوازم المحبة، كقوله تعالى: «لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ» (المجادلة:22).
اقتران الغفور بـ الودود
إذن إن في اقتران الغفور بـ الودود، يبين أن الله عز وجل يغفر الذنب فلا يعذب عليه، بل ويزيد المذنب الذي استغفر من الذنب وتاب، بأنه يوده ويحبه، ولا يحرمه المودة منه عز وجل نتيجة ذنوبه السابقة، وبالتالي فإن الودود الذي يحبه عباده محبة لا تشبهها محبة شيء.
ولهذا كانت محبته أصل العبودية وكل محبة أخرى إنما هي تبع لهذه المحبة، وإذا لم تكن كذلك كانت عذابًا على أهلها، ذلك أن المودة هي المحبة الصافية، وفي المعنى أيضًا.. أن (المغفرة والمودة)، صفة لله تعالى إذا كان ولم يزل لذنوب العباد غفورا وللمستغفرين ودودًا من قبل نزول هذه الآية «وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ» وفي حال نزولها ومن بعد ذلك.