يتصور البعض أن الدعاء لا ينفع صاحبه إذا كتب الله على الإنسان بلاءً في صحته أو في ولده أو ماله، ويسألون عن الأشياء التي من الممكن أن ترد القدر، ولكن هل يرد القدر رغم قول النبي صلى الله عليه وسلم "رفعت الأقلام وجفت الصحف" وما هي فائدة الدعاء طالما أن القدر لا يتغير، خاصة إذا ابتلي إنسان بمصيبة فكيف يغير منها الدعاء ويكشف الضر عن صاحبها؟.
يقول بعض العلماء إن التسبيح يرد القدر كما في قصة يونس عليه السلام قال تعالى " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ".
وكان يونس عليه السلام يقول في تسبيحه "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " .
والتسبيح هو الذكر الذي كانت تردده الجبال والطير مع داود عليه السلام قال تعالى " وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير " .
كما أن زكريا عليه السلام حينما خرج من محرابه أمر قومه بالتسبيح قال " فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ".
وعلل موسى عليه السلام طلبه من ربه عز وجل بأن يرسل معه أخيه هارون وأن يجعل أخاه هارون وزيرا له يعينه على التسبيح والذكر قال " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا " .
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاء ويأمرنا الله تبارك وتعالى: "وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمسِ وقبل غروبها ومن آنائ الليل فسبّح وأطراف النهار لعلّك ترضى".
إلا أن الدعاء يأتي باللطف الإلهي وطلب الرحمة، ولكن لا يغير القدر، لأن كل شيئ عنده بمقدر، وكل شيئ من أول المصيبة والابتلاء ودعاء صاحبها بالرحمة واللطف في هذه المصيبة مكتوب عند الله منذ الأزل.
وفي ذلك قال الله تعالى : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد / 22 .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " رفعت الأقلام وجفَّت الصحف " – رواه الترمذي .
ويقول العلماء إن الكتابة نوعان : نوع لا يتبدل ولا يتغير وهو ما في اللوح المحفوظ ، ونوع يتغير ويتبدل وهو ما بأيدي الملائكة ، وما يستقر أمره أخيراً عندهم هو الذي قد كتب في اللوح المحفوظ ، وهو أحد معاني قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد / 39 ، ومن هذا يمكننا فهم ما جاء في السنة الصحيحة من كون صلة الرحم تزيد في الأجل أو تُبسط في الرزق ، أو ما جاء في أن الدعاء يرد القضاء ، ففي علم الله تعالى أن عبده يصل رحمه وأنه يدعوه فكتب له في اللوح المحفوظ سعةً في الرزق وزيادةً في الأجل .