لا يتصور أن من يأكل الحرام يبارك الله له في عيشه وحياته بل تحاصره المصائب الظاهرة الباطنة حتى يتمنى ألم يفعل.
يستوفون . وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}(المطففين: 1ـ3).
صور أكل الحرام:
وصور أكل الحرام كثيرة جدا ضابطها العام الوقوع في كل ما يخالف شرع الله سواء ضر الغير أم لا ومن صور ذلك الغش والخداع في البيوع والمعاملات وتطفيف الكيل والميزان أيضا إخفاء عيوب السلع، والحلف الكاذب لترويج السلعة، وغيرها من طرق الغش والخداع، وإلى كل هذا توجه الخطاب القرآني بقوله تعالى: {ويل للمطففين . الذين إذا اكتالوا على الناس
ومن صور المحرمات ايضا بيع ما نهى عنه الله وسوله من محرمات كالخمور والمخدرات والدخان ولحم الخنزير والترويج للمفسدات عموما سواء كان لسلعة فاسدة بمعنى معطوبة أو فاسدة لعقل والبدن والدين
ومن صور أكل الحرام أيضا التجرؤ على مال للغير بغر حق وأخطر هذا أكل أموال اليتامى والقاصرين، وأكل أموال الزوجات والبنات العاملات بغير حق، أو منعهن من الزواج وتأخيره للانتفاع بأموالهن.. وهو ظلم وعضل مع كونه خسة ودناءة وقلة مروءة وعقاب ذلك عند الله عظيك قال تعال " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرًا".
ومن الصور الشائعة في المجمع من اكل الحرام استحلال تعب الغير وكده وعدم إعطاء العمال حقوقهم والتجرؤ بالخصم من رواتبهم بغير حق أو تسخيرهم وتكليفهم ما لا يطيقون وكل هذا حرم شرعا.
عقاب من يأكل الحرام:
ومن يأكل الحرام عقابه عند الله عظيم ويكفى أن الله تعالى يغضب عليه ويتوعده قال تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي}، وقال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) وهو الواسطة بينهما.. وقال أيضا: (لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء).. وقال عليه السلام: (إنكُم تَخْتَصِمونَ إليَّ، ولعلَّ بعْضَكُم ألْحَنُ بِحُجَّتِهِ من بعضٍ، فمن قضَيتُ له بحَقِّ أخيهِ شيئًا بقوله، فإنما أقْطَعُ له قِطْعَةً من النارِ، فلا يأخُذها)(رواه البخاري).
يلازمه الضنك:
ومما يصيب آكل الحرام من عقاب أنه حالة الضنك التي تلازمه : "ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى.." والفقر الذي يكون بين عينه ولو كان أغنى ففي الحديث من كانت الدُّنيا همَّه ، فرَّق اللهُ عليه أمرَه ، وجعل فقرَه بين عينَيْه ، ولم يأْتِه من الدُّنيا إلَّا ما كُتِب له ، ومن كانت الآخرةُ نيَّتَه ، جمع اللهُ له أمرَه ، وجعل غناه في قلبِه ، وأتته الدُّنيا وهي راغمةٌ".
لا تقبل صدقتهم:
وآكل الحرام لا يقبل الله صدقته من ماله الخبيث؛ فالله طيب لا يقبل إلا طيبا.. وآكل الحرام لا يوفق للعبادة أصلا.. قال سهل: من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى، ومن أكل الحرام عصى الله شاء أم أبى، قال ابن عمر: من صلى في ثوب بعشرة دراهم فيها درهم حرام، لم يقبل الله له صلاة ما دام يصلي فيه، وروي أن العبد إذا تنسك قال إبليس لأصحابه: انظروا ماذا يأكل، فإن كان يأكل الحرام قال دعوه فإن عبادته مع أكل الحرام لا تغني عنه شيئا.
كما أن من عقاب آكل الحرام أن تحاصره المشكلات الاجتماعية من أقرب لناس له لاسيما أولاده فيعاقب بالعقوق والجحود وانحراف الأبناء، وانعدام البر ويرد الله دعاءه في حديث المسافر الأشعث الأغبر آكل الحرام فقال عنه صلى الله عليه وسلم : (... فأنى يستجاب له)، وروي أن سعدا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (سل الله أن يجعلني مستجاب الدعوة. فقال: ياسعد أطب مطعمك تجب دعوتك).
قال يحيى بن معاذ: "خرج قوم من بني إسرائيل مخرجا، يطلبون الاستسقاء، فأوحى الله إلى نبيهم قل لهم: إنكم خرجتم إلى بأجساد نجسة، وبأيد قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن اشتد غضبي عليكم، ولن تزدادوا مني إلا بعدا".