وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه الصادق الأمين وبهذا كان موضع ثقة حتى من اعدائه ولا يحتاج صلى الله عليه إل ما يثبت به أنه صادق فإذا كان هذا حاله مع أعدائه فلماذا كان صلى الله عليه وسلم يقسم لأصحابه عل فعل أشياء بعينها.
قسم رسول الله :
لم يكن قسم الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه لأجل أنهم يكذبوه بل لتأكيد أهمية المقسم عليه وتحفيزهم على الإتيان به إن كان خير أو الابتعاد عنه عن كان شرا.
وقد أقسم صلى الله عليه وسلم على أمور بعينها من هذا ما ذكرته الأمانة العلمية لإسلام ويب كالتالي:
حوض النبي صلى الله عليه وسلم:
مِنْ خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم وفضائله الكوثر، وهو المراد في قول الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}(الكوثر:1)، والكوثر نهر عظيم وعده الله به في الجنة، وهو يصب في حوضٍ له صلى الله عليه وسلم، فهو مادة الحوض كما قال ابن حجر في الفتح. وهذا الحوض من مكرمات نبينا عليه الصلاة والسلام في الآخرة، وقد جاء في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بوجود هذا الحوض الآن، وقد أقسم على ذلك، لعظم شأن هذا الحوض، وأهمية تعريف الأمة به، حتى يأخذوا بأسباب الورود عليه، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلّى على أهل أُحُد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: (إني فَرَطُكُم (سابقكم)، وأنا شهيدٌ عليكم، وإني والله لأنظر إلى حَوضي الآن). وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني على الحوض حتى أنظر من يَرِدُ عليَّ منكم، وسيؤخذ أناس دوني، فأقول: يا ربِّ! مِنِّي ومن أُمَّتِي، فيقال: هل شعرتَ ما عملوا بعدك؟ والله! ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم) رواه البخاري.
وجوب محبة المؤمنين:
محبة المؤمنين لبعضهم واجبة، وكل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ومن الأشياء التي توصل إلى المحبة بين المسلمين: إفشاء السلام، فهو مفتاح المودة، وسبب الألفة، وإظهار لشعار من شعائر الدين، مع ما فيه من التواضع، ورعاية حرمة المسلمين، وإدخال السرور عليهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والَّذي نَفسِي بيده، لا تدخلونَ الجنَّة حتَّى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتَّى تحابُّوا، أوَلَا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحابَبتُم؟ أفشوا السَّلامَ بينَكُم) رواه مسلم.
بيان فضل الصحابة:
ومن الأمور التي أقسم عليها رسول الله فضل أصحابه وحرمة إيذائهم والتعرض لأحدهم والانتقاص في غاية الخطر، ومِنْ ثم فقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة أصحابه رضوان الله عليهم، وعدم جواز التعرض لهم، فقال: (لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مُدَّ أحدهم، ولا نصيفه) رواه مسلم. والمُد، جمع اليدين، فما أنفقه الصحابي بملء يديه، أو نصف ذلك، أفضل من نفقة أحدنا بمقدار جبل أحد. قال أبو زرعة الرازي ـ
حُرْمة إيذاء الجار:
ومن الأمور التي أقسم عليها رسول الله لعظم شأنها حرمة إيذاء الجيران، والنبي صلى الله عليه وسلم أقسم فيما أقسم به على تحريم أذية الجار، فقال: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، ـ ثلاث مرات ـ قيل من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه (مصائبه وشروره)) رواه البخاري. هذا الحديث والقَسم من النبي صلى الله عليه وسلم شديد فى الحض على ترك أذى الجار، إذ أكد ذلك بقسمه ثلاث مرات: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن).
ثلاث أمور أقسم عليها رسول الله:
وهناك ثلاثة أمور أقسم عليها رسول الله جاءت في حديث عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث أقسم عليهن (أحلف عليهن) وأحدثكم حديثا (تحديثا عظيماً) فاحفظوه، قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظُلِمَ عبْدٌ مظلمةً صبر عليها إلا زاده الله عِزَّا، ولا فتح عبد باب مسألة (سؤال الناس) إلا فتح الله عليه باب فقر) رواه أحمد وصححه الألباني. قوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث أقسم عليهن) فيه أن على دعاة الخير في أثناء تبليغ العلم والنصح أن يشوقوا السامع، ويجعلوه يشتاق وينتبه إلى ما سيُقال.
فضل التوبة والاستغفار:
أيضا من الأمور التي أقسم عليها رسول الله لأهميتها الاستغفار، ويقسم على فضل وأهمية ذلك فيقول: (والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم) رواه مسلم. قال الطيبي: "لم يرد به ونحوه قلة الاحتفال بمواقعة الذنوب، كما توهمه أهل الغرة (الغفلة)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) رواه البخاري.
فضل سورة الإخلاص:
ومما أٌسم عليه رسول الله فضل سورة الإخلاص و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تشتمل على التوحيد، قال السعدي في تفسيره: " فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات". وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على فضل سورة الإخلاص وأنها تعدل ثلث القرآن الكريم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رجلًا سمع رجلًا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُردِّدُها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأنَّ الرجلَ يتقالُّها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيدِهِ، إنها لتعدلُ ثلثَ القرآن) رواه البخاري. وفي ذلك حافز كبير على قراءة هذه السورة العظيمة، ومعرفة تفسيرها، والوقوف على معانيها، والامتثال لأوامرها، والتسليم بمقتضاها.