تخيل عزيزي المسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخبرنا بأن (ركعتَا الفجرِ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها)، فكيف ببقية الصلوات وفضلها علينا؟.. ومع ذلك ترى بعض الناس للأسف يتكاسلون عنها، أو يتأخرون عنها، وهم لا يدرون أنما خلقوا لهذا الأمر فقط (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ).
وعلى الرغم من التحجج دائمًا الانشغال بالعمل، إلا أن الله عز وجل يكمل الآية بقوله تعالى: «مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ» (الذاريات 57)، فالصلاة هي رأس الإسلام، وعموده الأهم، فإن وقعت وقع الأمر كله -والعياذ بالله-، فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، إذ يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله».
أولى العبادات
الصلاة هي أول ما أوجب الله تعالى من العبادات، فقد فرضت على نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، ليلة الإسراء والمعراج، وفي ذلك يقول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: «فرضت الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج خمسين صلاة ثم نقصت حتى جعلت خمس ثم نودي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وأن لك بهذه الخمس خمسين».
وهي أيضًا أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله»، وبالتالي لأهميتها الشديدة، وعظم أجرها عند الله عز وجل، فقد كانت آخر وصية أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند مفارقة الدنيا، إذ كان يقول وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: «الصلاة.. الصلاة وما ملكت أيمانكم».
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟عقل المسلم
الصلاة هي عقل المسلم، فإن أقامها على الوجه الذي يريده الله، اكتمل بناء عقله وفهمه للأمور، وابتعد عن كل الذنوب والمعاصي والموبقات، بل وصل لمرحلة الحكمة وهي مرحلة عظيمة يؤتيها الله عز وجل لمن يشاء: «يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ» (البقرة 269)، لذلك إذا ضاعت، ضاع الدين كله، كما يحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول: «لتنتقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضًا الحكم وآخرهن الصلاة»، بينما من اقترن بها نال كل ما تمنى في الدنيا والآخرة: «الَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ » (المؤمنون: 8 - 11)، فإن كنت تريد أن تكون من هؤلاء الوارثين فعليك بالصلاة ثم الصلاة، وإياك بتركها مهما كانت الظروف.