يتصور البعض منا حينما يصل إلى سن معين، أنه كبر وشاخ، وبات عليه أن يستسلم لأمور عديدة، فيصير وكأنه ينتظر الموت، على الرغم من أن الأمر ليس كذلك، لأن الله عز وجل لم يعط سر الموت لأحد أبدًا من خلقه، «وَما تَدْرِي نَفْسٌ بأيّ أرْضٍ تَمُوتُ»، فلماذا الشعور بكبر السن إذن طالما الأمر كله بيد الله وفقط؟.
عزيزي المسلم إياك أن تستسلم لخطورة (كِبر السن)، بل عمرك في روحك ومدى تمسكها بذكر الله، وبإقامة الصلوات في موعدها، والروح -كما يقول الدكتور مصطفى محمود رحمه الله- لا تشيب ولا تشيخ أبدًا، لأنها من عالم آخر لا تُشبه عالمنا في شيء ، ولا يعلمها إلا الله وحده.. يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : « وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ».
حبس الروح
إياك أن تحبس روحك في إطار جسدك .. وإياك أن تنسى أن الأمل والتفاؤل بيد الله وحده، فتفاءل واجعل من أملك في الله السبيل إلى النجاح والعمل واستمرار الحياة برمتها، فمن ربط نفسه بالله، لا يمكن أن ينقطع عنه الأمل في الحياة، ومداومة الشغف.. عليك فقط أن تثق في الله عز وجل في كل خطوة تخطوها ، وأن تساعد الجميع وأن تمنحهم الحب تازرع الخير في كل مكان .
واعلم يقينًا أن «لا راحة لمؤمن إلا بلقاء ربه»، وكثير منا يفهم هذه العبارة خطأ، إذ أنه لا يشترط أبدًا أن يكون اللقاء بعد الموت، فالعلم لقاء .. والذكر لقاء، والتفكر والتدبر لقاء، والصلاة لقاء، والمناجاة لقاء، وقيام الليل لقاء، وبر الوالدين لقاء، وصلة الأرحام لقاء، وزيارة المريض لقاء، وتفريج كربات المسلمين لقاء .. فهل أدركنا كم فرصة للقاء؟ .. يقول الله سبحانه وتعالى: «فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ».
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمععبادة تتحدى السن
علمنا نبينا الأكرم العديد من العبادات التي تتحدى السن والعمر، بل هناك عبادات لو فعلها الصغير والكبير لتغيرت حياتنا بشكل مختلف تمامًا، فعن أم هاني رضي الله عنها قالت: مّر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كبرت وضعفت أو كما قالت. فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة. قال : «سبحي الله مئة تسبيحة ؛ فإنها تعدل لك مئة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ، واحمدي الله مائة تحميدة فإنها تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلّدة متقبلة، وهللي الله مائة تهليلة. قال أبو خلف: أحسبه قال : تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك إلا أن يأتي بمثل ما أتيت».. إذن لكبر السن رونقه لكن لمن يعي ذلك ويستغل وقته وحياته بشكل أفضل.