أخبار

زوجي يحلف كذبا باستمرار ثم يخرج كفارة .. فما الحكم؟

منتجات العنابة بالبشرة تزيد خطر الإصابة بالأزمات القلبية

علامة حمراء على طرف الأنف قد تؤدي إلى العمى

لماذا قال الله تعالى: "قل هو الله أحد"، ولم يقل قل هو الله واحد؟!.. تعرف على الفرق

القاضي عياض فقيه ومحدث ومؤرخ العصر الأندلسي

سنة نبوية مهجورة .. من أحياها ضمن مرافقة النبي في الجنة ..ثوابها عظيم

المن يحبط ثواب الصدقة ويمنعك من دخول الجنة.. هذه صوره

في هذا الوقت اجتهد في العبادة.. فثوابها عظيم

حتى يكتمل ثوابك بعد الوضوء.. عليك بهذا الدعاء

"أهوال ومواعظ".. منامات عجيبة عن عقوبة النظر إلى المحارم

متى تشعر بحكمتك وهدوء المنطق في عقلك؟.. إليك هذه الإرشادات القرآنية

بقلم | أنس محمد | الثلاثاء 23 يناير 2024 - 12:20 م


فرق كبير بين الإنسان الذي يتأمل ويتفكر، ويناقش بالعقل والمنطق ويلتزم أدب الحوار، وبين الإنسان الذي يعتمد على الصوت العالي، في طرح رؤيته، ويستقوي بما لديه من سلطة أو مال أو غلبة، فيرهب المنافس له، عن أن يتوصلاً إلى حوار ينتصر للحقيقة.

فثقافة الضجيج تختلف عن ثقافة التأمل، فالأولى تبني العقلية الهشة، التي لا تقدر على التفكير، وتنتصر للصوت العالي فقط، أما الثانية فهي تنتصر لمنطق والتفكير والتدبر والتأمل، والتعبير عن الفكرة بما تتطلبه من أدلة وبراهين، وحكمة.

وقد تناول القرآن الكريم، الفرق بين الحالتين، حالة الضجيج وحالة التأمل والفكر، وذلك حينما تحدث ربنا سبحانه وتعالى عن حال إبليس وأدواته في المناقشة، وهو عنوان للشر والقبح فيقول تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) [الإسراء :64]

فأدوات الشيطان تبدأ بالصوت العالي والضجيج والانتصار للقوة والهمجية، ثم يتأكد الضجيج بقوله (واجلب) وهي من الجلب ثم يتأكد الضجيج ثانية بالمشاركة وأن يصبح الضجيج جزء من حياتنا اليومية، وهي حالة يضيع معها كثير من التفكر والتدبر والتأمل، ويضيع معها شيء كثير من الراحة والهناء.

الضجيج من وسائل إبليس


فالضجيج والتشويش على الفكر والتأمل من وسائل إبليس ـعنوان الشر والقبح، ـقال الله تعالى في شأن المشركين : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا القُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت :26].

فانظر إلى الفرق بين منهج المشركين في التشويش على الحق، من حيث تحريضهم على المنع من سماع القرآن الذي يأمرنا بالتدبر والتفكر والتأمل واللغو أمامه، وعلو الصوت عند تلاوته، وانظر الفارق بينهم وبين ما انتصر له القرآن الكريم من الحكمة والتدبر والعقل .

قال تعالى : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) [النساء :82]. وقال تعالى : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد :24]. وقال سبحانه : (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [ص :29] وقال تعالى في وصفه لحال المؤمنين الصادقين : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران :191]، ثم كرر سبحانه مرات كثيرة (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، ويجعل سماع القرآن واستماعه جزء من الدعوة الطيبة. قال تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) [التوبة :6]، وقال سبحانه : ( وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف :204].

بل إن الله أعلن من خلال نصائح لقمان لابنه وهو يعظه، بأن علو الصوت والضجيج منطقا حيوانيا وخارجاً عن حد الأدب عند كل الناس، قال تعالى (وَاقْصِدْ في مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ) [لقمان :19].

 ويرتقي هذا السلوك الحضاري، لما هو أبعد في تهذيب جوارح النفس البشرية، خلال المعاملة بين الناس، قال تعالى : (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) [النور :30، 31]. وقوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا) [الإسراء :24]. وقوله : (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر :88]. ثم يتحول هذا إلى منهج حياة قال تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًا غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران :159].


توجيهات للمؤمنين


وكانت هذه التوجيهات موجهة للمؤمنين، وجاءت توجيهات مماثلة في خصوص النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الضجيج، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الحجرات :3 ، 4 ، 5] .

كما بين الله عز وجل الفرق بين السلوكين الهادئ الورع وبين السلوك الذي يعتمد على الصريخ قال تعالى : (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِندَ البَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ) [الأنفال :35] وقال سبحانه : (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة :238] وقال : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) [الإسراء :110]. وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه حينما رفعوا أصواتهم بالدعاء : (أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصما ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا) [النسائي في الكبرى، والبيهقي في سننه الكبرى].

حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم ارتقى بهذه السلوكيات وعلمها للصحابة، في الصلاة، فكان يحب الصوت الحسن، فأمر بلالاً بالآذان وقال لعبد الله بن زيد، وقد كان عبد الله بن زيد هو الذي رأى رؤية الآذان حيث قال (لما أمر بالناقوس يعمل به للناس ليجتمعوا للصلاة طاف بي وأنا نائم رجلا يحمل ناقوسا في يده، فقلت : يا عبد الله أتبيع الناقوس. قال : وما تصنع به ؟ فقلت : ندعو به إلى الصلاة. قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت : بلى. قال : تقول الله أكبر فذكره مربع التكبير بلا ترجيع. قال : ثم استأخر بعيدا فقال : تقول إذا قمت إلى الصلاة فذكر الإقامة مفردة وثنى قد قامت الصلاة. فلما أصبحت أتيت رسول الله فأخبرته بما رأيت فقال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى منك صوتا فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال فسمع بذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما أرى فقال فلله الحمد) [أبو داود والترمذي وابن حبان] .

 وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (من سره أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأه على ابن أم عبد) [الطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك].

 وقال لحسان بن ثابت عندما سمع شعره الذي ينصر فيه الإسلام : (إن روح القدس معك) [أحمد في المسند، والنسائي في الكبرى، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك].

وسمع كعب بن زهير في قصيدته التي افتتحها بقوله :

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ** متيم إثرها لم يفد مكبول

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ** إلا أغن غضيض الطرف مكحول


الكلمات المفتاحية

إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ الضجيج من وسائل إبليس الصوت العالي والضجيج ثقافة الضجيج وثقافة التأمل

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled فرق كبير بين الإنسان الذي يتأمل ويتفكر، ويناقش بالعقل والمنطق ويلتزم أدب الحوار، وبين الإنسان الذي يعتمد على الصوت العالي، في طرح رؤيته، ويستقوي بما ل