لاشك أن الله عز وجل اصطفى صحابة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ليكونوا له سندًا وعونًا.

ومنهم من برز اسمه كبطل ليس له مثيل، ومنهم من أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًا جمًا، ومنهم من دعا له، ومنهم من كان أكثر من مجرد صاحب.. ومن أبرز هؤلاء الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وقد كان من الأوائل الذين دخلوا في الإسلام، وكان عمره عندئذ سبعة عشر عامًا، ولم يسبقه في الإسلام إلا أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.

سهم الله

تربى سعد رضي الله عنه، منذ نعومة أظافره على الرمي، حتى أجادها، فكان إذا إذا رمى عدوًا أصابه، وإذا دعا اللهَ دعاءً أجابه، وكان الصحابة يردون ذلك إلى دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم له: «اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمَيْتَهُ، وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ»، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، والوحيد الذي افتداه الرسول صلى الله عليه وسلم بأبويه، فقال له يوم أحد: «ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»، وقد كان سعد يُعد من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان، (رمحه ودعاؤه).

وكان مجاهدًا في غزوة بدر، وشارك في غزوة أحد، وتفرق الناس أول الأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف سعد يُجاهد ويقاتل، فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم يرمي جعل يُحرضه ويقول له: «يا سَعْدُ؛ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»، وظلّ سعد يفتخر بهذه الكلمة طوال حياته، كما قاد سعد بن أبي وقاص المسلمين في معركة القادسية حيث خرج في ثلاثين ألف مقاتل، وكان عدد الفرس أكثر من مائة ألف من المقاتلين المدربين المدججين بأنواعٍ متطورة من عتادٍ وسلاح.

اقرأ أيضا:

أصحاب الحزم والعزم خالفوا أنفسهم حتى في المباح (أعجب الحكايات)

مواقف عظيمة

بالتأكيد لسعد بن أبي وقاص مواقف عديدة عظيمة، فقد ولاه الخليفة عمر ‎بن الخطاب رضي الله عنه إمارة العراق، فراح سعد رضي الله عنه يبني ويُعمِّر في الكوفة، وذات يوم اشتكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين؛ فقالوا: «إن سعدًا لا يُحسن الصلاة». واستدعاه عمر رضي الله عنه إلى المدينة فلبى مسرعًا، ويضحك سعدًا حين علم بشكوى أهل الكوفة قائلاً: «والله إني لأُصَلِّي بهم صلاة رسول الله، أُطيل في الركعتين الأوليين وأقصر في الآخرين»، وحين أراد عمر ‎بن الخطاب أن يُعيده إلى الكوفة ضحك سعدٌ قائلاً: «أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أَني لا أُحسن الصلاة؟!» وفضل البقاء في المدينة، وعندما حضرت عمر رضي الله عنه الوفاة بعد أن طعنه المجوسي جعل الأمر من بعده إلى الستة الذين مات النبي وهو عنهم راضٍ، وأحدهم سعد بن أبي وقاص، وقال عمر: إن وليها سعد فذاك، وإن وليها غيره فليستعن بسعد، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة قالت وسمعنا صوت السلاح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا قال سعد بن أبي وقاص يا رسول الله جئت أحرسك قالت عائشة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه.