عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً قال: يارسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: الحال المرتحل. قال: يارسول الله، وما الحال المرتحل؟ قال: يضرب من أول القرآن إلى آخره ومن آخره إلى أوله .
والحال المرتحل هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله، فشبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه ثم يفتتح سيره أي يبتدئه .
لذلك من أفضل ما يعمل المؤمن كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم ويحب منه ذلك الله عز وجل، أنه إذا فرغ من الختمة في القرآن أن يشرع في أخرى عقب الختم، فعن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قل أعوذ برب الناس افتتح من الحمد ثم قرأ من البقرة إلى أولئك هم المفلحون.
حال مرتحل
فحين تقرأ القرآن لا تنقطع عنه، بل تحول إلى حال مرتحل، ما أن تختم القرآن، حتى تبدأ ختمة أخرى جديدة، وعلى المنوال هذا مستمر إلى أن يشاء الله أمراً كان مفعولا.
اظهار أخبار متعلقة
وإن كنت حالاً مرتحلاً، تتأمل وتتدبر الآيات في يومك وليلك، فلاشك أنك في خير عظيم، حيث ستجد نفسك بعد كل رحلة أو ختمة، وقد مررت على آيات تجدها وكأنما تقرأها للمرة الأولى، وربما وجدت نفسك تتأمل آية وتتدبر أخرى، لتخرج منها بمفاهيم ومعان لم يكن عقلك يعيها في وقت سابق.
فكثرة المرور على الآيات وعمق التأمل والتدبر، يمنح نضجا عقليا ومعرفيا وصرت ترى الآيات بطريقة اخرى مختلفة. فهكذا القرآن، كلما أعطيته من وقتك، أعطاك من لآلئه ودرره المكنونة.
والقرآن الكريم كتاب الإسلام الخالد، ومعجزته الكبرى، وهداية للناس، قال تعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} (إبراهيم:1) .
فمن قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم.
والقرآن فيه تقويم للسلوك، وتنظيم للحياة، من استمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ومن أعرض عنه وطلب الهدى في غيره فقد ضل ضلالاً بعيداً.
فضل قراءة القرآن
وتلاوة كتاب الله من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، قال تعالى: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور} (فاطر:29) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم.
و حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة القرآن ورغب فيها، فقال: (تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شافعاً لأصحابه، وعليكم بالزهراوين البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير، تحاجَّان عن أصحابهما، وعليكم بسورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة) رواه مسلم.
وبشَّر صلى الله عليه وسلم قارئ القرآن بأنه مع السفرة الكرام البررة فقال: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) متفق عليه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يُقال لقارئ القرآن: اقرأ وارقَ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها).
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أمته تعاهد القرآن بشكل دائم ومستمر، فقال:(تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلُّتاً من الإبل في عقلها).