يسأل أحدهم (هل للسعادة مواعيد محددة سابقًا؟)، والحقيقة أن مَن أدرك أن الفرحة موجودة، وأن السعادة موجودة وأن الله عز وجل هو أصلها وسببها ومصدرها كيف يظن أن يكون لها مواعيد؟.. فالله لا يقطعه زمان ولا يحصره مكان، ومن ثمّ كيف تظن عزيزي المسلم أن الفرحة موجودة فقط في مكان أو زمان.
فالفرحة مصدرها الله، والله موجود إذن الفرحة موجودة، والأمل موجود، فالسعادة كلمة خفيفة على اللسان، حبيبة إلى قلب كل إنسان، وهي شعور داخلي يحسه الإنسان بين جوانبه يتمثل في سكينة النفس ، وطمأنينة القلب ، وانشراح الصدر ، وراحة الضمير، وما من إنسان إلا وهو يسعى إلى تحقيقها في حياته، إلا أنه لكي يحقهها عليه أولا أن يسأل صاحبها عنها والسعادة ليس لها صاحب سوى خالق كل سعادة سبحانه وتعالى.
سعادة المال
لو كانت السعادة في المال، لرأيت قارون سعيدًا في دنياه وآخرته، وليست في طلب الوزارة والمنصب ولو كانت كذلك لسعد هامان وزير فرعون، وليست في متعة دنيوية ما تلبث أن تنقضي بل السعادة الحقيقية في طاعة الله، والبعد عن معصيته التي هي سبب في الفوز الأبدي، قال تعالى: «فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز» (سورة آل عمران 185)، وذلك بأن يسير الإنسان في هذه الدار على الصراط المستقيم، وأن يتبع الرسول الكريم، وأن يتقي الله ويراقبه في السر والعلانية، والغيب والشهادة، فبذلك يفوز الإنسان ويسعد.
فالقليل من الناس هم الذين عرفوا حقيقة السعادة فعملوا من أجلها وجعلوا مقامهم في الدنيا معبراً للآخرة ولم تلههم الدنيا وزينتها عن الآخرة، قال تعالى: «مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُون» (هود:15-16).
اقرأ أيضا:
رحمة الله سبقت غضبه .. ما معنى هذا؟السعادة الحقيقية
إذن السعادة الحقيقية طريقها معروف ومحدد سلفًا، وهو طريق الله عز وجل، فكيف للإنسان يعرف ذلك تمامًا، ثم يذهب للبحث عنها في مكان آخر، كالذي ضاع منه بعضًا من المال في الظلام فراح يبحث عنه تحت الإضاءة، فهل يُعقل ذلك؟، ولكن من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه.
، قال تعالى: «لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا » (سورة النساء: 114).