لتتعرف على الإسلام لابد أن تتذوقه وتتفهم معانيه وتعيش أخلاقه حتى تستطيع الحكم عليه، أما اولئك الذين ينثرون الشبهات حوله بين الحين والحين فأولئك ضعاف النفوس قليلو العدة.
عظمة الإسلام:
مواقف كثيرة يمكن ذكره تبين عظمة الإسلام ونبي الإسلام لا يمكن حصرها منها على سبيل المثال ما كان من موقفه صلى الله عليه وسلم النبيل مع المخالفين أوامره وكيف يعاقبهم لكنه برحمة ويدعو لهم بالهداية ولا يجوِّز الدعاء عليهم والشماتة فيهم.
وترجع تفاصيل الموقف لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: "أُتي النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل قد شرب، قال: (اضربوه)، فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان) ". رواه البخاري.
وفي رواية أخرى: " ثم أمرهم فبكَّتوه فقالوا: ألا تستحي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصنع هذا؟ ثم أرسله، فلما أدبر وقع القوم يدعون عليه ويسبونه، يقول القائل: اللهم أخزه اللهم العنه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا: اللهم اغفر له اللهم ارحمه) " رواه أبو داوود والبيهقي.
رسول الرحمة:
وبالتأمل في هذا الموقف النبوي الكريم ندرك مدى الشفقة والرحمة التي يتخلق بها رسول الله تجاه فئة المذنبين.
يبين الموقف مدى حرصه الشديد صلى الله عليه ووسل على هداية الناس لا زجرهم وعقوبتهم ورغبته في تطهيرهم من دنس الآثام والمعاصي، ثم محاولته إصلاحهم وتنقية نفوسهم وتغيير دواخلهم لينالوا الجنّة التي وُعد المتقون، فصلوات الله وسلامه عليه.
لا تعينوا عليه الشيطان:
يظهر هذا في زجر الصحابة عن الشماتة والدعاء على المذنب بل أمرهم بالدعاء عله بالهدية، وفي معنى قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( لا تعينوا عليه الشيطان) ذكر العلماء عدّة معانٍ: منها أن الدعاء على العاصي بالخزي يوافق مقصود الشيطان؛ فإنه بتزيينه للمعصية يريد أن يوقعه فيما يُخزيه في دنياه وآخرته، وقالوا: إن الدعاء على المذنب بالخزي يعين استحواذ الشيطان عليه، لأنه إذا سمع إخوانه يدعون عليه بمثل ذلك ازداد في عتوّه ونفوره، وأخذته العزّة بالإثم، ولربما أيس من رحمة الله فانهمك في المعاصي والموبقات، ولذلك جاء التوجيه النبوي بأن يقولوا: (اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) .
نحب الشخص ونكره معصيته:
ومن أدق ما يمكن استنتاجه من هذا الموقف أننا لا نحب رجلا لشخصه بل لصفته وطاعته ونكره معصيته ولا نكره شخصه وأن نحاول أن نقوّمه ولا نترصد له ونشمت فيه، وأن في الدعاء عليه فتح وسيلة للشيطان أن يتغول عليه ويكسر قلبه ويجعله قليل الأمل في النجاة والتوبة فييأس في التوبة ويسرف في المعصية دون اكتراث وهذا كله مناف لدعوة الإسلام.
وبهذا فإن موقف النبي جاء متوازناً في التعامل مع الأشخاص، فليس ثمّة حبٌّ كاملٌ أو بغضٌ كامل، ولسنا أمام بياضٍ كامل أو سوادٍ حالكٍ لا يتخلّلهما درجات، ولكن قد نُحبّ رجلاً من وجهٍ ونُبغضه من وجهٍ آخر، وحتى هذا البغض لا يمنعنا من بخس الناس حقوقهم أو إهدار مكانتهم، من هنا نجد أن النبي –صلى الله عليه وسلم وصف الرجل بأنه "أخٌ لهم على الرغم من شربه للخمر.