ليس معنى أنك تتغافل أنك ضعيف بل إنك بهذا تكون قويا تستطيع أن تغض الطرف عن أشياء معينة ولا تضخمها، والتغافل من أخلاق الأقوياء وهو من أخلاق العرب قديما فقد جاء في أشعارهم:
لَيْسَ الْغَبِيُّ بِسَيِّدٍ فِي قَوْمِهِ ... لكِنَّ سَيِّدَ قَوْمِهِ المُتَغَابِي (أَيْ المُتَغَافِل).
التغافل منهج إسلامي:
وولق جاء الإسلام ونبه إلى هذا الخلق فالرجل العاقل من يتغافل ولا يركز في كل الدقائق لاسيما التي تتسبب في مشكلات بتتبعها، فلقد كان رسول الله يغض الطرف عن امور بعينها يقول أنسُ بنُ مالكٍ –رضي اللهُ عنه-: " خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، وَاللهِ مَا قَالَ لِي: أُفًّا قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا؟ " (رواه مسلم)، وحين عاتب إحدى زوجاتِه لإفشائِها سرَّه ما استقصى في عتابِه، بل {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: 3]. وعلى رسْمِ الاهتداءِ سارَ عبادُ الرحمنِ الذين وصَفَهمُ اللهُ بقولِه: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]، وقولِه: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72]، قال الغزاليُّ: " ستر الْعُيوب وَالتَّجَاهُلُ والتغافلُ عنها شيمةُ أهلِ الدِّينِ "، وقوله تعالى في سورة القصص آية 55: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ).
من صور التغافل:
ومن صور التغافل أن تتجاهل أحيانا من يسء إليك ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة "عندما كان يشتمه كفار قريش وينادونه مذمما، فما كان منه إلا أنه قال:- «أَلَا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ؛ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ». (رواه البخاري) صلوات الله وسلامه عليه"، أيضا ما أرشدنا إليه ديننا الحنيف في قوله تعالى في سورة الفرقان آية 63 (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً)، والجاهل: هو السفيه الذي لا يزن الكلام، ولا يضع الكلمة في موضعها، ولا يدرك مقاييس الأمور لا في الخلق ولا في الأدب.
التغافل عن أمور النساء:
أيضا منها التغافل عن أمور النساء والزوجات وعدم التركيز معهن في كل الأمور التي بتتبعها تحدث المشكلات وتكبر المواضيع وتنتشر الخلافات في أرجاء البيت وتذهب بوقار الرجل وبعقله عن أبي سعيد الخدري ، قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فطر إلى المصلى ، فمر على النساء فقال : ( يا معشر النساء تصدقن ، فإني أريتكن أكثر أهل النار ) ، فقلن : وبم يا رسول الله ؟ قال ( تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ) قلن : ما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟ قال : ( أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ ) قلن : بلى ، قال : ( فذلك من نقصان عقلها ) قال : أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟ ) قلن : بلى . قال : ( فذلك من نقصان دينها )
ومن التغافل عد تتبع عورات الآخرين وعدم إحراجهم يقول عليه الصلاة والسلام: "من تَتَبَّعَ عورةَ أخيه تَتَبَّعَ اللهُ عورَتَهُ، ومن تَتَبَّعَ اللهُ عورَتَه يَفضَحْهُ ولو في جَوفِ بَيتِهِ".