كثير من المسلمين للأسف لا يعرفون كيف كان يعيش النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، وما هي مصادر أمواله ودخله؟، وللأسف أيضًا يتصور البعض أن نبينا الأكرم عليه الصلاة والسلام كان فقيرًا، ولا ينتبهون إلى قوله تعالى: «وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ» (الضحى 8)، والمعنى واضح وضوح الشمس، إذ أن الله أغناه وكفاه، فكيف يكون فقيرًا؟.. وهو الذي اشتهر بأنه يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وقد ثبتت في كتب التراث الخاصة بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأيامه روايات موثوقة، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم كان ثريًا إلا أنه كان مُنفقًا شديد الإنفاق، فلم يبخل يومه ماله على الإطلاق، كما كان زاهدًا، رغم أنه كان يستطيع أن يعيش حياة الملوك، إلا أنه كان يقول عن نفسه صلى الله عليه وسلم: «ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها».
لا تصفه بالفقير
إياك أن تصف نبيك الأكرم صلى الله عليه وسلم -ولو كان عن جهل- بأنه كان فقيرًا، إذ منع بعض فقهاء الأندلس وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالفقر، واعتبروه إهانة في حقه صلى الله عليه وسلم يستحق عليه العقاب والتعنيف، والمعروف أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم اكتسب ماله من مزاولة التجارة، فقد اشتهر أنه صلى الله عليه وسلم دخل في التجارة ومارسها مع قريش قبل البعثة، وتاجر في مال السيدة خديجة رضي الله عنها، زوجته وأم أولاده، بل استمر رسول الله في التجارة حتى بعد البعثة.
وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: «باع رسول الله صلى الله عليه وسلم واشترى، وكان شراؤه بعد أن أكرمه الله تعالى برسالته أكثر من بيعه، وكذلك بعد الهجرة لا يكاد يحفظ عنه البيع إلا في قضايا يسيرة أكثرها لغيره، كبيعه القدح والحلس فيمن يزيد، وبيعه يعقوب المدبر غلام أبي مذكور، وبيعه عبدًا أسود بعبدين».
أدوات الصرف
أما أدوات الصرف التي ينفق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماله، فكانت عديدة، وكلها أبواب خير، ولمساعدة المحتاجين، فقد كان ما يكسبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تجاراته يصرفها في سبيل الخير وإعانة المحتاجين، وهذا ما ذكرته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، عن زوجها صلى الله عليه وسلم في ضحوة نزول أولى آيات الوحي، حين أفزع عليه السلام وآنسته بكلماتها الصادقة إذ قالت: «كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق».
أيضًا ثبت أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ورث أموالا وفيرة من والديه، وكذا من زوجته خديجة رضي الله عنها، فضلا عن الأنفال والغنائم التي ينالها المسلمون من قتالهم للمشركين كانت أحد مصادر ثروة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يستحق منها الخُمس، يقول الله تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ».
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها