عبادة التضرع من العبادات التي دل الله عز وجل عليها لإنقاذ الناس أنفسهم من المهالك وموارد السوء

فالتضرع إلى الله عز وجل هو الباب الوحيد الذي يدخل منه العاصي لطلب من ربه نجاته بعد أن حل عليه العذاب، فحينما ينزل ضر أو يحْصل بلاء أو مكروه، يلتزم المؤمن بالتضرع إلى الله فينجيه.

وقد ندب الله تعالى عبادَه إلى اللجوء عنده والتضرع إليه عند نزول بأسه، ووَصَفَ الله تعالى مَنْ أعرضوا عن التضرع إليه بقسوة القلوب؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾ [الأنعام: 43].

والتضرع يكون إلى الله تعالى بكثرة الدعاء والذِّكْرُ، وأعظمُ الذِّكْرِ قراءة القرآنُ الكريم؛ لأنه وحيُ اللهِ المتلوُّ، فهو خيرُ ما يُتوَصَّل به إلى النجاة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث القدسي: «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» .

اقرأ أيضا:

دعاء صلاح الذرية والأبناء

تضرع العبد المؤمن لله بالذكر والدعاء

وتضرع العبد المؤمن لله تعالى وانشغاله بذكر الله والدعاء عند الحاجات أو غير ذلك، يُعتبر امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ». رواه مسلم.

ولكن يغفل الكثيرون عن أهمية التضرع وفضله، فالتضرع إلى الله والتذلل له سبحانه ينبغي أن يكون بقلب حاضر يملؤه الشعور بالضعف والتذلل إلى الخالق، وإدراك أنه بيده وحده سبحانه رفع البلاء وتفريج الكرب وكشف الغمة.

يقول تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:42-43].

الابتلاء بالفقر والضيق في العيش 

وابتلاء الإنسان بالفقر والضيق في العيش و الأمراض، لا يرفع إلا بالتضرع إلى الله والخشوع إليه، والتقرب منه بالعبادات والطاعات، والابتعاد عن المحرمات وكل ما يلهي العبد عن عبادة الله.

قال تعالى عن التضرع والدعاء والافتقار إلى الله: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾[البقرة: 186].

وأفضل الوقت الذي يستحب أن نتضرع فيه الثلث الأخير من الليل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الله عز وجل ينزل في هذا الوقت وينادي هل من داعي فأجبه، هل من مستغفر فأغفر له.

والإلحاح فى الدعاء أمر مشروع، وقد ثبت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا سأل سأل ثلاثا" .

ورفع اليدين إلى السماء عند الدعاء من أشكال التضرع الى الله تعالى ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى يظهر بياض إبطيه، موضحاً: السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة والتضرع إلى الله برفع اليد مستحب.