يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ» (النساء: 116)، إذن فالله يغفر لمن يشاء كل شيء، طالما أنه لا يشرك به، لكن هل تعني المغفرة مسح الذنب ونسيانه تمامًا؟.
هنا العلماء يتوقفون قليلاً، وبعضهم يشير إلى أن المغفرة تعني عدم المعاقبة على الذنب مع بقاء صورة الذنب فى الصحف فيذكر الله للعبد ذنبه يوم القيامة ليظهر الله للعبد كبير حبه له في عدم معاقبته مع كثرة ذنوبه، ولا شك أن الذنوب والمعاصي توجب سخط الله وعقابه، ولكن دلت نصوص الكتاب والسنة على أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد في حالات التوبة والاستغفار، والأعمال الصالحة، فضلا عن شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لجميع المسلمين يوم القيامة.
كرم الله
فالمغفرة هي ذلك الكرم الذي يمنحه الله عز وجل لعباده، سواء في الدنيا أو في الآخرة، لكن على العبد أن يتخذ الأساليب التي تضمن له ذلك، ومنها التوبة والاستغفار.
وقد جاء في الحديث الصحيح عند الترمذي في سننه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وعند أحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه، وعند الطبراني في معاجمه الثلاثة عن ابن عباس رضي الله عنهما قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: «يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عَنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا، لأتيتك بقرابها مغفرة»، فأي كرم أكبر من ذلك؟.. بالتأكيد لا يوجد أبدًا.
اقرأ أيضا:
ماذا تعرف عن هم أخيك؟ وكيف تفك كربه؟.. هذا أفضل ما تقدمه إليه مجانًاأبواب الأمل
عزيزي المسلم، افتح أمامك أبواب الأمل دائمًا بالاستغفار والتوبة، واليقين في كرم الله عز وجل في المغفرة، فإن رحمته أوسع من كل ذنب مهما كان، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: « وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا » (فاطر: 45).
وهو ما أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله تعالى؛ إنهم يجعلون له ندًا، ويجعلون له ولدًا، وهو مع ذلك يرزقهم، ويعافيهم ويعطيهم»، قال تعالى: «وَرَبُّكَ الغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ العَذَابَ» (الكهف:58).
ويقول أيضًا سبحانه وتعالى: «غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ» (غافر:3)، وفي ذلك يقول نبي الله نوح عليه السلام لقومه: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا» (نوح:10)، إذن ما علينا إلا التوبة والاستغفار طمعًا في مغفرة الله، وهو أمر ليس بالصعب.