علاقة الإنسان بربه لها طبيعة مخلفة فهي ليست كغيرها من العلاقات ، والمؤمن دائم الصلة بالله تعالى كثيرة الأوبة والتوبة كثير الندم كثير الطاعة متعلق كله قلبه وجوارحه بالله تعالى.
الاستعانة بالله:
وحال المؤمن أيضا انه لا يستعين إلا بالله كلما مرت به مصيبة أو أصابه مكروه او نزل به بلاء يعود إلى ربه ومولاه داعيا راجيا يرجوه ويدعوه كشف الضر لا يمل أبدا من اللجوء إلى الله فهو ربه ومولاه عملا بوصية النبي صلى اله عليه وسلم: "اسْتَعِنْ بِاللّهِ. وَلاَ تَعْجِزْ".
حال المؤمن مع الله:
وفي الرجوع إلى الله والاعتماد عليه رفعة للمؤمن فأنت الفقير إلى الله والله هو الغني عنك قال تعالى: "يأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" [فاطر:15]، ولأن الإنسان ضعيف فهو يحتاج إلى القوي قال تعالى :{وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:28] ولذا فعلى المؤمن ألا يفر إلى الى الله ولا يلجأ إلا إلى الله قال تعالى: "ففروا إلى الله.."، ولا يؤجل توبته ولا يتكاسل عن التوبة قال تعالى:{وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَدًا. إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ} [الكهف: 23-24].
التوبة النصوح:
وعلى المؤمن أن يجدد الصلاة بالله بالتوبة على ما يقع منه وأن تكون في توبته خالصة فتوبته تكون نصوحا فإن غلبه ذنب عادا واستغفر فعبادته كلها لله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] معترفا بفضل الله عليه ومعترفا أيضا بتقصيره في حق الله تعالى "اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك... أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي..." ومعترفا ايضا بجهله في حق مولاه وان لا يقدر على شيء ولا يعلم شيئا ألا بقدرة الله وعلم الله، ولهذا يستخيره في كل أموره قائلا: "اللهم إني استخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك...، فإنك تعلم ولا أعلم..."، هذا من كمال العبودية لله تعالى وهو أيضا معنى الحوقلة وهي قولك "اللهم لا حول ولا قوة لي إلا بِك...". لأن فيها لامعنى التجرد عن الحول والقوة التي هي لله خالصة: "اللهم إني أبرأ من حولي وقوتي إلى حولك وقوّتك...".
وهذا هو حال الأنبياء والمرسلين وعباده الصالحين وأوليائه إلى يوم الدين "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي...".
ومن داوم على طرق الباب يوشك أن يفتح له "اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك فأهلك..."مع ملازمة الدعاء بالتوفيق والسداد والاستقامة على الطاعة "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك..".
المؤمن القوي أحب إلى الله:
ولا يعني أنك مؤمن أن تكون ضعيفا مهزوما مستسلما بل عليه أن يمد نفسه بأسباب القوة والكرامة حتى لا يحتاج لغير قدر المستطاع وان يكتفي بالله عن كل شيء وأن يكون قويا في علمه في عمله في صحته في ثقافته مصداقا قوي البنية والنفس لقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىٰ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ " فالمؤمن القوي ليس قوياً من عند نفسه، ولا بمقومات شخصيّته، .. وإنما هو قوي لاستعانته بربّه، وثقته في موعوداته الحقة..