القول السديد يصلح كثيرًا من الأمور بل هو وقاية لصحابه ومن يلزمه من الشرور والأضرار..
المقصود بالقول السديد في الميراث:
ولقد أنزل الله تعالى في القرآن ما يبين ضرورة القول السديد لاسيما في الأمور الخاصة بالميراث لأنه يتعلق به حق الغير فقد قال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}(النساء:9): "عن ابن عباس: هذا في الرجل يحضره الموت، فيسمعه الرجل يُوصي بوصية تضر بورثته، فأمر الله تعالى الذي يسمعه أن يتقي الله، ويوفقه ويسدده للصواب، ولينظر لورثته كما كان يحب أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضيعة.
فالحفاظ على الأولاد وحقهم في الميراث أمر مفروض ولا ينبغي التلاعب به ولهذا أنزل الله تعالى فيه آيات من القرآن الكريم بين فيها أحكام الميراث والوصية.
وصية النبي لسعد في الميراث:
كما بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم تفاصيل الميراث ومسائله وما يتفرع عنه من احكام ترفع النزاع وتعطي كل ذي حق حقه، فقد ثبت في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على سعد بن أبي وقاص يعوده قال: يا رسول الله، إني ذو مال ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي..". قال ابن عبد البر: "وفي هذا الحديث (حديث سعد): تخصيص للقرآن، لأنه أطلق الوصية ولم يقيدها بمقدار لا يُتعدى، وكان مراده عز وجل من كلامه ما بينه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (عادني (زارني) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، من وجعٍ أشفيتُ (قاربتُ) منه على الموت، فقلتُ: يا رسول الله! بلغني ما ترى من الوجع، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدقُ بثلثيْ مالي؟ قال: لا، قلتُ: أفأتصدقُ بشطرِه (نصفه)؟ قال: لا، الثلثُ، والثلثُ كثير، إنك إن تذَرَ ورثتكَ أغنياءَ، خيرٌ من أن تذَرَهم (تتركهم) عالةً (فقراء) يتكففون (يسألون) الناسَ، ولستَ تنفقُ نفقةً تبتغي بها وجه الله، إلا أُجِرْتَ بها، حتى اللقمةَ تجعلُها في فِي (فم) امرأتِك، قال: قلتُ: يا رسولَ الله! أُخَلَّفُ بعدَ أصحابي (هل سأتأخر بعد أصحابي فأموت بمكة)؟ قال: إنك لن تُخَلَّفَ فتعملَ عملًا تبتغي بهِ وجهَ الله، إلا ازددتَ به درجة ورفعة، ولعلك تُخَلَّف حتى ينفع بك أقوامٌ ويُضَرَّ بك آخرون) رواه مسلم، وفي رواية أخرى قال سعد: (أفأُوصي بثلُثَيْ مالي).
ضرورة مراعاة حق الورثة:
وبالنظر لهذا الحديث الشريف يتبين أن الرسول ضبط امر الوصية ولت النظر بشدة إلى أهمية مراعاة حق الورثة ومن يعول أغنياء لا يسألون الناس .. مع عدم النهي عن التصدق بل ضبط الأمور ضبطا جيدا يفتح الباب للخير دون هضم لحق أحد.