التفكير.. هذا العدو الشرس والعنيف، الذي قد يصل به الأمر لأن يقتل صاحبه، كيف الخلاص منه؟، وما هو علاجه؟.

الموازن للتفكير هو الفراغ، فمن كان يمتلك وقتًا كبيرًا لا يعمل فيه شيئًا، لاشك سيحاصره التفكير في أمور كثيرة، بعضها قد يكون جيدًا، كالبحث عن عمل، أو كيف يواجه مستقبله، ولكن أغلبها يكون سيئًا كالتفكير في مصاحبة أصدقاء السوء، أو تقليدهم، أو محاولة الانتقام، وربما يصل الأمر حد الجريمة.

لذا حاول أن تشغل وقتك كله بالعمل، وحاول أن تصل صلة رحمك، وأن تصاحب أناس كثر، لكن عليك حسن الاختيار بألا تقع في فخ صديق السوء، كن اجتماعيًا، وفوق كل ذلك، حاول أن تحافظ على وِرد معين من القرآن يوميًا، واجعل يومك كله مشغول إياك أن تفرغ نفسك مهما كان الأمر.

كن اجتماعيًا

علاج التفكير في أن تكون اجتماعيًا، والإسلام جعل للتواصل الاجتماعي أجرًا عظيمًا، فما أعظم من صلة الرحم؟!.. لا شيء، وما أعظم من عيادة المرضى؟!.. لا شيء.. فداوم على ذلك، يزيد لك رزقك، ويوفقك الله لما تحب وترضى.

 فقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ» يقول: اتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام وصلوها، وعن عكرمة في قوله: «الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ» قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: «صلوا أرحامكم فإنه أبقى لكم في الحياة الدنيا، وخير لكم في آخرتكم».

اقرأ أيضا:

التركيبة النفسية للنصاب .. متشابكة ومعقدة .. أهمها المبالغة في الحديث عن الإخلاص والأمانة!

أصحاب الخير

أيضًا عليك بأصحاب الخير، والصاحب ليس فقط إنسانًا تحدثه ويحدثك، وإنما من الممكن أن يكون أيضًا كتابًا تقرأه، أو وِردًا في المصحف بشكل يومي، وفي ذلك يقول الأديب الكبير محمود عباس العقاد -رحمه الله- في مقال له بعنوان: (لماذا هَوِيْتُ القراءةَ): «أهوَى القراءةَ لأن عندي حياةً واحدة في هذه الدنيا، وحياةٌ واحدة لا تكفيني.

والقراءة دونَ غيرها هي التي تُعطيني أكثرَ من حياةٍ واحدة في مدى عمر الإنسان الواحد؛ لأنها تَزيدُ هذه الحياةَ من ناحيةِ العُمق، وإن كانت لا تُطيلُها بمقاديرِ الحساب»، فحين نقرأ نستثمر العقل والوقت في القراءة، ولا بد أن يكون هذا الاستثمار مربحًا بقدر المستطاع، فالعالم مملوء بالكتب التي لا قيمة لها، فاختر لنفسك الكتب التي تفيد، وتمنحك قدوة وعلم، ومسار تسير عليه دون خطأ، لأن أخطاء أهل المعرفة أقل بكثير من أخطاء الجهلاء.. فحارب عزيزي المسلم التفكير، بالتفكير، ولكن فيما يفيد، وبالقراءة والعلم والقرآن وصلة الرحم، يرتاح عقلك وقلبك.