الكثير منا، إن لم يكن جميعنا، فاتته صلاة يومًا ما، بل إن هناك من فاتته الصلاة سنوات طويلة، فما هو فاعل في هذه الحالة؟.. هل يظل يصلي حتى يتيقن من أنه أعاد كل الصلاة المفروضة عليه والتي تركها يومًا ما، أم يتجاهلها، بناءً على أن الله (غفور رحيم)، وعفا الله عما سلف.
والحقيقة أن الأمر في غاية الأهمية، خصوصًا أن الصلاة عماد الدين وأساسه، فإذا أقيم الأساس أقيم الدين كله، وإذا كان الأساس ضعيفًا ربما تهدم البناء كله، ولكن إن كانت الصلاة الفائتة قليلة ومعلومة ويسيرة وجب على المُكلَف الإتيان بها، فتصلي مع كل صلاة صلاة مثلها، ظُهر مع ظُهر، وعصر مع عصر، هكذا، حتى يغلب على ظنك قضاء ما فاتك.. وإن كانت الصلاة الفائتة كثيرة، كالذي ترك الصلاة عامين أو 5 أعوام أو أكثر فيكفيه التوبة والاستغفار والإكثار من صلاة النوافل.
هنا الحل
إذن يجب قضاء الصلوات الفائتة باتفاق الأئمة الأربعة، لقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْضُوا اللهَ الذي لَهُ، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وقوله صلى الله عليه وآلهوسلم : «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلا ذَلِكَ» متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وإذا وجب القضاء على الناسي -مع سقوط الإثم ورفع الحرج عنه- فالعامد أولى، وهذا من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، إذ قال الإمام النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم": (وشذَّ بعض أهل الظاهر فقال: لا يجب قضاء الفائتة بغير عذر، وزعم أنها أعظم من أن يخرج من وبال معصيتها بالقضاء، وهذا خطأ من قائله وجهالة).
اقرأ أيضا:
سيأتي الفرج أقرب مما تتخيل وبدون شروط.. فقط ثق في موعود اللهالتوبة هي الأصل
ومن ثمّ على من فاتته الصلاة مدة من الزمن قليلة كانت أو كثيرة أن يتوب إلى الله تعالى ويُشرع في قضاء ما فاته من الصلوات، وليجعل مع كل صلاة يؤديها صلاةً من جنسها يقضيها، وله أن يكتفي بذلك عن السنن الرواتب، فإن ثواب الفريضة أعظم من ثواب النافلة.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أفضلية قضاء الفائتة مع مثيلتها المؤداة من جنسها في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْغَدَاةِ مِنْ غَدٍ صَالِحًا فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا» رواه أبو داود من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، وفي ذلك يقول الإمام الخطابي: ( ويُشْبِهُ أن يكون الأمر فيه للاستحباب، ليحوز فضيلة الوقت في القضاء )، وليستمر الإنسان على ذلك مدة من الزمن توازي المدة التي ترك فيها الصلاة حتى يغلب على ظنه أنه قضى ما فاته، فإن عاجلته المنية قبل أن يستوفي قضاء ما عليه فإن الله يعفو عنه بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى.