استحالت العشرة الزوجية مع زوجتي، فنحن منذ أعوام طويلة نعاني من عدم الانسجام وكثرة الخلافات والشجار، وانتهينا لضرورة اتمام الطلاق، والمشكلة أنني أحب ابنائي وخائف من آثار الطلاق السلبية عليهم.
ما العمل؟
مرحبًا بك يا عزيزي..
أقدر مشاعرك، واحييك لحرصك على مشاعر أبنائك ووضعهم بعد الطلاق، وأحمد لك ما تتمتع به من ( نضج ) وحرص على تقليل الأسى في مشهد النهاية بينك وبين زوجتك، فذلك مما يقلل تلك المرارة.
إن ما يحدث غالبًا لدى الطلاق في مجتمعاتنا العربية لا يمت للرقي بصلة، فالإيذاء النفسي والمعنوي يكون في الأوج، ونادرًا ما تجد طرفًا من الشريكين حريصًا على الرأفة بنفسه ومن ( كان ) يحب، وثمرة الزواج من أبناء .
ما أعرفه علميًا أن من يمر بخبرة الطلاق يمر بالمراحل النفسية التالية لا محالة :
مرحلة الصدمة ( تشعر فيها بتبلد المشاعر وتكون في حالة ذهول)، ثم مرحلة الإنكار ( وتشعر فيها أنك في حلم )، ومرحلة الغضب ( غضب من كل شيء وكل أحد شريكك وأهلك والدنيا كلها )، مرحلة الإكتئاب ( وفيها يكون هناكشعورًا بالحرمان مما كان يفره الزواج كعلاقة فتشعر بالوحدة والعزلة)، وأخيرًا مرحلة التعافي ( وفيها ستلتئم جراحك وتعاود حياتك بشكل طبيعي )، وأحسب أنها ستمرعليك بدون مضاعفات مؤلمة نظرًا لما أنت عليه من نضج ووعي ظاهر.
أما بشأن المشهد الأخير إذا كنت مقتنعًا بالفعل أن الفرص بينكما قد انعدمت فاستحالت العشرة، وقضي الأمر فحذار من الثرثرة والفضفضة خاصة على مواقع التواصل الإجتماعي، وتذكر أن المقابلة الأخيرة بينكما سيكون الغرض منها هوالإنفصال وليست للعتاب أو توجيه اللوم أو مجال لعرض فرصة ثانية، وأن ذلك من دواعي احترام ذاتك وشريكك، لا مجال في المشهد الأخيربينكما لكيل السباب، أو الإهانات، والتهم، وابتعد تمامًا عن التوعد بالانتقام، أوحتى الندم والحسرة، أو الحكي عن جرحك أوالانفعال بالبكاء والانهيار، ولتعلم أن الإنفصال خسارة بالفعل ولكنها خسارة وقتية تقطع الطريق على خسارات مستمرة تستنزفك إذا ما استمرت علاقة غير صحية ولامجدية.
أما الطلاق المتحضر فأهم مواصفاته لكيلا يكون مؤذيًا عاطفيًا وشخصيًا فلابد أن يتم التعامل فيه وفقًا للفضل لا العدل، مفاوضات وتنازلات تحفظ كرامة الطرفين، وأن يحذر الطرف الأقوي استغلال الأضعف ، أو ظلمه، أو إذلاله، وأن يعلن الطرفان أن الطلاق تم لعدم التوافق وليس لسوء في خلق أو طباع، فحذار من الإساءة أو التشهير والتشويه.
تسألني الآن، هذا عني فماذا عن الأبناء؟
والرد أن قيامك بكل هذا وتفهمك له هو ما سيجعل الأبناء بخير، وهم يرونك تتصرف هكذا، وأخيرًا ستجلس بالطبع معهم، وتطمئنهم لحبك، وحب والدتهم لهم، واستمرارك كأب، واستمراركم كأسرة، ولكن شكل هذه الأسرة، والتواصل فيها، ووقته وطريقته فقط هو ما سيختلف، وسيتم إعادة ترتيب الأمر بالتشاور معهم، وبما لا يضرهم.
ورويدًا رويدًا سيتعود الأبناء، وستسير سفينة الحياة.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
كيف أعرف أن الله لم يكتب لي الزواج؟اقرأ أيضا:
ذهبت إلى طبيب نفسي فطلب مني أن أكتب عن مشاعري.. فما الاستفادة من هذه الكتابة لعلاجي؟