عزيزي المسلم، إن كنت تريد نسيان شخص ما، كان عزيزًا لديك، ربما تفرقتنا لدواعي الحياة وتفاصيلها، أو كان فراقًا بالموت، وهكذا، فعليك أولا أن تعلم أن مقدر الأقدر سبحانه وتعالى، قدر لك ذلك، فلا تبتئس.

فقد توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها، وكانت بمثابة الأمان والسند للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان موقنًا بأن الله معه ولن يضيعه، فأكمل طريقه حتى أظهر الله عز وجل دينه على الدنيا كلها.

أيضًا إياك أن تظل تنظر في صور من فقدته، وتعيد ذكرياتك معه، فالأيام تمر، ولا تتوقف، وأنت لم تخلق لتنتظر أو لتعترض على قضاء الله، وإنما خلقت لترضى بقضاء الله، ذلك أن الأصل هو الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى، لأن الاعتراض لن يغير من الأمر شيء، ولن يعيد المفقود أبدًا.

أفضل طريقة للنسيان 

إذا كنت تريد أن تنسى شخصًا بعينه، مهما كانت علاقتك به.. إذن لابد أن تتوقف عن متابعة حياته لحظة بلحظة، وأن تتوقف عن النظر في وجهه، أو تهتم بأمور حياته، واعلم أنك لو استطعت أن تفعل ذلك، ستنسى سريعًا، وستعود إلى حياتك الطبيعية سريعًا، وستنجح أيضًا.

وقد يكون هناك من أحب أو أحبت، إلا أن الظروف حالت دون إتمام الزواج، فيظل يتصور أن الدنيا عاندته، وأنه سيظل يعيش على أطلال هذا الحب عمره كله، والحقيقة أن الإنسان عليه أن يعي جيدًا أن الأقدار بيد الله وحده، فلا يمكن أن تغيرها أنت، وإنما إن رضيت رضاك الله بأن جعل من بين يديك هو الأجمل والأفضل لك، وأن تقتنع تمامًا بأن ما فقدته لم يكن ليناسبك أبدًا.

لكن عليك ألا تنسى الفضل بينك وبين الناس، لكن ألا تربط حياتك في المجمل بهذا الإنسان مهما كان، قال تعالى: « وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ » (البقرة: 237)، أي لا تتركوا الفضل، وقال تعالى: « قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى » (طه: 126).

اقرأ أيضا:

حتى لا تنقلب فتنتهم في وجهك.. حافظ على مستقبل أولادك بهذه العبادة

حياة جديدة

عليك أن تتمرن على بدء حياة جديدة، مهما كان من فقدته، ولا تنسى أن البشرية كلها خسرت فقد خير الآنام محمد صلى الله عليه وسلم، فمهما كان من فقدت عزيزًا عليك، فبالتأكيد فقد نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم أعظم.

ومن الأسباب المُعينة على هذا النسيان أن يعلم الإنسان أن الله سبحانه وتعالى خلقه هكذا، يلتقي بشخص ما، ثم يأتي يوم الفراق، ويُذنب ثم يتوب، وأنه سبحانه وتعالى أمده بالقدرة على النسيان، إذا تجاهل هذه الأمور وأعطاها حجمها ولم يُضخمها.

فما دام الإنسان قد وقع في الخطيئة وأيقن أن له ربًا يغفر الذنب، وتاب إلى هذا الرب، فينبغي أن يعلم أنه قد فتح صفحة جديدة، فلا يُبالي بما كان، فإذا حقره سهل عليه أن ينساه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن خُلق مُفتَّنًا توَّابًا نَسيًّا».