أخبار

من أراد راحة البال وطمأنينة القلب فليتعامل مع الله بهذه الطريقة الرائعة

مستوى أهلي المرتفع ماديًا يجعل العرسان يهربون.. ما العمل؟

أفضل ما تدعو به ليرزقك الله توبة نصوحًا

ثق واطمئن..الله يزرقنا ما نحتاج ولا يعطينا ما نتمنى

النبي أخبر ابن عباس بذهاب بصره قبل موته.. لن تتخيل السبب؟!

"هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين".. إذ اشتد الكرب هان.. ومع الضيق يأتي الفرج (الشعراوي)

يقولون المرأة وراء كل مصيبة ويستدلون بأن حواء هي التى أغوت آدم.. فما الصواب؟

٣ وصفات مجربة لإزالة الهم والغم والحزن وتفريج الكروب.. يكشفها عمرو خالد

عبيدة بن الحارث.. ماذا تعرف عن أول شهداء بدر؟

هل يجوز الكلام أثناء الطواف حول الكعبة؟

التركيبة النفسية للنصاب .. متشابكة ومعقدة .. أهمها المبالغة في الحديث عن الإخلاص والأمانة!

بقلم | ناهد إمام | الخميس 04 فبراير 2021 - 07:00 م

للنصب والاحتيال صور كثيرة؛ بعضها بدائي مثل لعبة "الثلاث ورقات" التي كان يمارسها النصّابون في الميادين العامة وساحات الموالد الشعبية، وبعضها شديد التعقيد ويتضمن قدر عالٍ من الذكاء والابتكار، وهذا الأخير ما نراه في العصر الحالي، حيث يمارس النصّاب عمله ويحتال على ضحايا على قدر كبير من العلم والثقافة والتجربة، ولهذا يحتاج لكم هائل من الغش،  والخداع،  والمناورة،  والمراوغة،  والكذب المتقن،  وتبديل الواقع،  وشد الأنظار،  واستثارة الدوافع،  واللعب على دوافع التملك،  والإغراء بالمكسب الهائل والسريع، وإعطاء ضمانات وهمية،  ولكنها كافية لإقناع مثل هؤلاء الناس بالتسليم له،  وهم في حالة خدر لذيذ، إلى أن يفيقوا في يوم من الأيام على الكارثة،  ويكتشفوا أنهم كانوا ضحية لنصّاب يفوق ذكاؤه ذكاءهم.

ما هو النصب والاحتيال؟
"هو استخدام التضليل من أجل الحصول على أموال الآخرين، أو الامتلاك بالباطل لأشياء ذات قيمة مادية عن طريق الغش والخداع والمراوغة والتزييف واختلاق الأكاذيب والمعاذير، وتبديل الواقع والمبالغة والتهويل بجاذبية مصطنعة تشد أنظار وأسماع الآخرين بما يضمن استثارة دوافعهم وانفعالاتهم وعواطفهم" (التعريف للدكتور أكرم زيدان في كتابه: سيكولوجية المال، سلسلة عالم المعرفة، مايو 2008).


وعلى الرغم من  تكرار حوادث النصب والاحتيال فإن الناس لا تتعلم، ربما لأن النصّابين يجددون في وسائلهم المبتكرة، أو لأن الناس لديهم قدر من الدوافع والاحتياجات يجعلهم لا يرون الواقع كما هو،  بل يرون احتياجاتهم فيندفعون بلا منطق نحو المصير المحتوم، خاصة وأن كثيراً من النظريات الاقتصادية الحديثة أثبتت أن الناس ليسوا دائماً منطقيين في التعامل مع المال،  بل يحيط تعاملهم الكثير من المشاعر والانفعالات والتحيّزات، وهذا ما يلعب عليه النصّابون، فقد عرفوا ذلك بفطرتهم الشريرة قبل أن يكتشفها العلم.

 التركيبة النفسية للنصّاب
الصورة النمطية للنصّاب لدى عموم الناس،  هي أنه شخص شديد الذكاء والمكر والدهاء والخيانة وانعدام الخلق والضمير، وقد يكون الأمر كذلك في بعض الحالات، لكن القراءة العلمية لحوادث النصب تثبت بأن لكل نصّاب تركيبته ودوافعه وظروفه، لذلك يحسن بنا أن نرى تلك التركيبة النفسية في مظاهرها وانعكاساتها المختلفة لكي نحيط بكل الجوانب التي يتميّز بها النصّابون، فهم ليسوا سواءً، فقد نجد بعض الصفات التالية بتباديل وتوافيق مختلفة في شخصية كل نصّاب:

 1) الكذب هوالصفة المحورية والأساسية لدى النصّاب، لكنه غالباً ما يكون بارعاً في كذبه بحيث يمر وقت قبل أن يكتشفه من يتعامل معه، والكذب صفة لا تتخلف أبداً في أي نصّاب، أي أنها صفة مشتركة لدى كل النصابين على اختلاف تركيباتهم واتجاهاتهم. لذلك يعتبر الكذب عيباً جسيماً في الشخصية لا يمكن التسامح فيه.

 2) المراوغة والخداع والتضليل؛ وهي صفات ثانوية تنشأ عن الصفة الأساسية وهي الكذب.

 3) المبالغة، وتعني المبالغة في الحديث عن الأمانة والإخلاص والقيم، أو المبالغة في التلويح بالمكاسب الهائلة.

 4) الاستهانة بالنظم والقوانين والأعراف؛ حيث يبدي النصّاب قدرة فائقة على تجاوز كل العقبات القانونية والاجتماعية للوصول لأهدافه، وهو يميل لأن يسلك طرقاً خلفية لتحقيق ذلك.

 5) التاريخ الطويل المضطرب؛ إذ لا تظهر شخصية النصّاب في يوم وليلة، وإنما تتكون عبر تراكمات لسلوكيات تنتهك الحقوق والممتلكات، فمثلاً نجد أن النصّاب كان مشهورًا بالغش في الامتحانات، والكذب، والسرقة من البيت أو من زملائه في المدرسة، ومولعاً بالحصول على ما يريد بالرشوة أو بالوساطة أو بالتزوير أو بالخداع. وهو غير مستقر إنفعاليًا، إذ تجد تقلبات كثيرة في حياته فينتقل من بلد إلى بلد أو من علاقة إلى علاقة، ولديه تاريخ سابق في الفشل في مشروعاته.

 6) الطموح المفرط؛ وهذا ما يجعله في حاجة شديدة إلى مال كثير يجمعه في وقت قليل، حيث لا يوجد لديه وقت للسعي بالطرق المعتادة ليجمع مالاً محدوداً في فترة زمنية طويلة.

 7) إعلاء مبدأ اللذة؛ فهو يسعى لتحقيق أقصى قدر من الاستمتاع في حياته، فتراه يهتم اهتماماً مبالغاً فيه بالسيارة التي يركبها والمسكن الذي يعيش فيه وملابسه وشياكته والأماكن التي يرتادها، والأصدقاء الذين يجلس معهم. وفي المقابل هو لا يعطي لمبدأ الواقع قيمة، فهو أسير للذاته واحتياجاته بصرف النظر عن أي اعتبارات اجتماعية أو أخلاقية أو قانونية.

 8) لا يشعر بالذنب؛ فمهما كان عدد ضحاياه، ومهما كانت معاناتهم من سلوكه، فهو لا يشعر تجاههم بأي ذنب أو تعاطف.

 9) لا يتعلم من أخطائه؛ ولهذا نجد في حياته الكثير من محاولات الكذب والتضليل والخداع والتزوير، وأنه تعرض بسبب ذلك لمشكلات اجتماعية أو قانونية، ومع ذلك لا يكف عن تكرار أفعاله السلبية.

 10) قدرة فائقة على معرفة نقاط ضعف الضحايا وتوظيف هذه النقاط الضعيفة لكي يتمكن من استغلالهم؛ فهو يختار ضحاياه من الطامعين في المكسب السريع مثله (وهذه مساحة مشتركة بين الجاني والضحية في جرائم النصب والاحتيال).

 11) قدرة فائقة على طمأنة الضحايا من خلال إعطائهم ضمانات وهمية، كعلاقاته ببعض الشخصيات الموثوق بها (أو المفترض أن تكون موثوق بها كالوزراء وأبناء الوزراء)، وإبداء ميزانيات تبدو مقنعة، وأصولاً تبدو كافية لتغطية احتياجات الضحية في حال فشل المشروعات المعروضة.

 12) النرجسية؛ بمعنى الإفراط في حب الذات وتقديرها، والشعور بالتفرد والتميز، والرغبة في التألق والظهور والإبهار، والتمركز حول الاحتياجات الشخصية، وكل هذه الأشياء تجعل الشخص النرجسي في حاجة إلى الكثير من المال للإنفاق على ذاته المتضخمة ليحقق الإبهار لمن يراه.

 13) الشعور بالنقص؛ وهو دافع لعمليات تعويض يقوم بها الشخص لمواجهة هذا الشعور، فيضطر لأن يبالغ في امتلاك عناصر القوة وإظهارها (طبقاً لنظرية ألفريد أدلر)، وبما أن المال يعتبر أحد أهم عناصر القوة، إذن يصبح الحصول عليه هدفاً أعلى. والشعور بالنقص يلازمه شعور بالدونية تجاه الآخرين، وهذا يدفع من يشعر بالنقص إلى أن يسلب الآخرين مصدر قوتهم (المال) ويضيفه إليه، وبهذا يستعيد توازن القوى بينه وبينهم.

 وربما يشكل حصوله على المال بطرق النصب نوع من الانتصار عليهم لا يحققه كسب المال بطريق الجهد والمثابرة، فهو في حالة النصب يثبت لنفسه أنه الأذكى والأجدر، وأنهم الأغبى والأسوأ، أي أن هناك صراعًا نفسيًا بين الجاني والضحية،  يمثل فيه المال أداة للصراع ويصبح من يحوزه منتصرًا على الآخر.

 14) غواية المال؛ فالنصاب يضعف تمامًا أمام أي قدر من المال، كما يضعف أي مراهق أمام فتاة إغراء، وهي غواية لا يستطيع مقاومتها بسهولة، لذلك هو دائم السعي وراءه والاحتيال من أجل الوصول إليه.

 15) تعوّد الأخذ دون عطاء، فمنذ صغره يحصل على كل ما يريده من أبويه أو غيرهما دون بذل جهد، لذلك تتضخم عنده مستقبلات الأخذ وتضمر عنده ملكات العطاء، ولهذا نجده شديد الشراهة للأخذ ولا يشبع أبداً، وهو قد تعود أن يحصل على ما يريده من أيدي الآخرين وليس بجده وتعبه وكفاحه، فالآخرون بالنسبة له مكلفين بإعطائه ما يحتاج وكأنهم مدينين له دائماً.

 16) البذخ والرفاهية؛ فهو يعيش بشكل مبالغ فيه من الأبهة والفخامة والترف، ولا يهمه من أين يأتي المال لتوفير كل ما يرتع فيه من مظاهر.

 17) ضعف الانتماء؛ ويظهر في هشاشة علاقة الشخص بأسرته وبمجموعة الرفاق أو الأصدقاء، بل وفي علاقته بالوطن أو الناس عموماً، ولذلك يسهل على النصاب الحصول على المال ثم الهروب به إلى أي مكان في الأرض ليستمتع به، ولا يشعر بالحنين للأهل أو الوطن.

 18) ضعف العلاقة بالواقع؛, فلا يستطيع النصّاب رؤية الفرص المتاحة للكسب الطبيعي، كما لا يستطيع إدراك المخاطر التي تحيط بسلوكه المنحرف، فهو في حالة إنكار وانعدام رؤية إلى أن يقع في المحظور.

 19) الرغبة في الإثارة، وتلك الرغبة تتحقق أكثر من خلال عمليات النصب والاحتيال، خاصة حين يستطيع النصّاب خداع شخصيات تتميز بالذكاء العالي، كما أن العمل خارج نطاق المألوف يعطيه إحساساً بالمخاطرة اللذيذة، والتحدي الذي يشعره بقوته، وأنه قادر على أن يسلب الآخرين قوتهم.

 20) الإنتقام، وهذا يظهر لدى النصّابين الذين ينتقون ضحاياهم من الطبقات الاجتماعية الأعلى ومن الأغنياء عموماً، فلديهم إحساس داخلي بأن هؤلاء حصلوا على أموالهم بغير حق، ولذلك يشعرون بمتعة وهم يسلبونهم تلك الأموال.

 21) السادية؛ وهي شعور بالسعادة واللذة لرؤية الضحايا وهم يتألمون ويعانون بعد أن سلبهم النصّاب أعز ما يملكون وهو المال، أي أن النصّاب هنا يستمتع مرتين، مرة وهو يستحوذ على المال، ومرة أخرى وهو يرى دموع الضحايا وحسراتهم، ولذلك لا نستغرب رؤية النصّابين وهم يعيشون خارج البلاد يستمتعون بثرواتهم التي نهبوها في غاية السعادة ولا ينتابهم أي شعور بالندم أو الألم.

 22) الإنكار والتبرير والإسقاط؛ وهي دفاعات نفسية لا شعورية تسهل للنصّاب استكمال نصبه، وتحميه من لوم الذات أو صحوة الضمير، فهو لا يرى فيما يفعله شييئًا خطأ، ويبرر كل أعماله أمام نفسه وأمام الآخرين بأنها مشروعة تمامًا ، ثم يسقط الأخطاء والمشكلات على الآخرين، أما هو فليس مسئولًا عن شيء مما حدث، لذلك حين تستمع لأي نصّاب (أو لمحاميه) تشعر أنه لم يخطئ في شيء قط،  وإنما الضحايا هم المخطئون، أو أن الظروف هي السبب.

 23) ضعف الأنا الأعلى؛ فالنصّاب ليس لديه ضمير كاف يردعه، وضعف الضمير هنا يحميه من الشعور بالذنب، ويسمح له بالاستمرار في عمليات النصب مدفوعًا بالاحتياجات البدائية للجزء الغرائزي البدائي في النفس (الهو).

 وقد جمعت بلوم (1972) سمات النصابين وحاولت وضعها تحت نمطين مشهورين من أنماط الشخصيات وهما:
 - اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
 - اضطراب الشخصية النرجسية.

 وهذا يكاد يكون صحيحًا إلى حد كبير، وما نراه في الواقع هو بالفعل مزيج من سمات هذين النمطين من اضطرابات الشخصية.
 وقد وجد أن اضطراب الشخصية النرجسية في عموم الناس في حدود 1%، أما في النصابين فنجد أن السمات النرجسية توجد في أكثر من 80% من الحالات. أما اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع فهو أيضاً في حدود 1-3% ولكنه يوجد في النصابين بنسبة قد تصل إلى مائة بالمائة. وليس شرطاً أن يوجد نمط الشخصية بالكامل، لكن على الأقل يوجد عدد من السمات المرتبطة بهذا النمط.

 وفي المجتمعات المتخلفة تكثر السمات النرجسية،  والسمات المضادة للمجتمع، وهذا يفسر لنا شيوع النصب والاحتيال فيها على المستوى السياسي،  والاقتصادي،  والاجتماعي.

د.محمد المهدي
أستاذ الطب النفسي - جامعة الأزهر
*بتصرف يسير

اقرأ أيضا:

مستوى أهلي المرتفع ماديًا يجعل العرسان يهربون.. ما العمل؟

اقرأ أيضا:

ثق واطمئن..الله يزرقنا ما نحتاج ولا يعطينا ما نتمنى





 

الكلمات المفتاحية

نصاب أموال وطن مشاعر نرجسى شخصية معادية للمجتمع تركيبة نفسية

موضوعات ذات صلة

amrkhaled

amrkhaled للنصب والاحتيال صور كثيرة؛ بعضها بدائي مثل لعبة "الثلاث ورقات" التي كان يمارسها النصّابون في الميادين العامة وساحات الموالد الشعبية، وبعضها شديد التعق