أفكر في الانتحار لأن أبي يتوعدني إن لم أوفق في الثانوية

تبين د. مروة عبد الحميد استشاري العلاقات الاسرية والتربوية ان الضغط النفسي الذي يفرضه بعض الأهالي على الأبناء بغرض التفوق في الدراسة وصل إلي أعلي الدرجات في العقود الأخيرة في مجتمعاتنا. ويرجع السبب في انتشار هذه الظاهرة هو اعتقاد راسخ عند البعض بأن النجاح والتفوق في الثانوية هو وسام شرف على صدر الأهل وليس الأبناء. كما نجد أسر في تنافس شرس منذ بداية العام الدراسي وفي سعي مستمر حتى يتباهى كل واحد منهم على الآخر على قدر المجموع الذي حققه الابن أو الابنة. والحقيقة أن هذا ظلم شديد لكل الأطراف، فلا ينبغي أن يرتبط نجاح الطالب بأي شيء سوى مستقبله الشخصي فقط.

وتضيف: كما يلعب المفهوم الخاطئ للنجاح في الحياة دوراً رئيسياً آخر في الضغط الذي يشعر به كلا من الأهالي والطلبة. فالبعض يعتقد أن النجاح الدراسي والأكاديمي هو قارب النجاة الذي يجب أن يستقله كل إنسان. وبالرغم من صحة هذا المعتقد، إلا أن أسلوب الضغط والتهديد والترهيب غالباً ما يأتي بعواقب سلبية. بل على العكس تماما.

وتوضح ان الضغط المستمر يستهلك الجهاز العصبي ويستنزفه ويهدر طاقته فيفقد الإنسان السيطرة على أفكاره ويجد نفسه متعثراً في صراع داخلي لا يهدأ بين الخوف المستمر الممزوج بالقلق والتوتر وبين الرغبة الملحة في النجاح والتفوق. ولكن أخبرنا العلم أن القلق والتوتر والخوف والضغط النفسي المستمر يعرضوا المخ لمخاطر الأمراض النفسية والعصبية، حيث يقل إفراز "الدوبامين" وهو الناقل العصبي المسؤول عن كفاءة الوظائف الدماغية بالإضافة إلى الحفاظ على الإنسان من وقوعه فريسة للاكتئاب.

وتنصح  السائل بأن عليه أن يركز في امتحاناته فقط دون أن يلتفت إلى آراء أحد حتى وإن كانت صادرة من أقرب الناس إليه، بل عليه أن يتخذ قراراً بأن نجاحه هو ملكيته الخاصة غير المتعلقة بسعادة أي شخص آخر. كما أنصحه بأن عليه ألا يخاف الفشل لأن الفشل هو فعلياً أهم خطوة في مشوار الصعود للنجاح. فلابد من أن نفشل حتى ننجح وحتى نقدر فيمة النجاح.

 وتختم : أما بالنسبة للتفكير في الانتحار أو ما شابه، فهو ليس شعوراً حقيقياً وإنما هو رغبة في الهروب من ألم الفشل. الخوف من الفشل أمر وارد، ولكن إن زاد هذا الخوف عن حده، تحول إلى وسواس للنجاح. فلتطرد تلك الأفكار وتلقيها جانبا وتستعذ بالله من الشيطان الرجيم. ويساعدك على ذلك الإكثار من ذكر الله والتقرب إليه عز وجلا بكل قول أو عمل. أما إذا زاد التفكير لدرجة أنه أصبح خطراً يهدد حياة الطالب أو من حوله، فيكون علينا أن نتوجه إلى الطبيب النفسي ليقوم بكافة الفحوصات وكتابة العلاج المناسب الذي يتمحور دوره في حصر الأعراض وفرض سلوكيات وأفكار جديدة تعين الإنسان على قيادة حياة طيبة صحية ومتوازنة.