توصلت دراسة إلى وجود صلة محتملة بين الإصابة بالسكري أثناء الحمل وارتفاع خطر الإصابة باضطرابات النمو العصبي، مثل التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لدى الأطفال.
وبينما أكد الباحثون على الحاجة إلى مزيد من البحث، فقد شددوا على على "ضرورة" "المراقبة الدقيقة" لمستويات السكر في الدم طوال فترة الحمل.
سكري الحمل
وشمل التحليل التلوي، الذي أجراه أكاديميون صينيون، 202 دراسة شملت أكثر من 56 مليون حالة حمل.
من بين هذه الدراسات، ركزت 110 دراسات على سكري الحمل - وهي حالة تظهر أثناء الحمل وتزول عادةً بعد الولادة - بينما تناولت 80 دراسة سكري ما قبل الحمل، حيث تُشخص المرأة بمرض السكري من النوع الأول أو الثاني قبل الحمل.
وكشف النتائج أن الأطفال المولودين لأمهات مصابات بالسكري أثناء الحمل كانوا أكثر عرضة للإصابة بأي اضطراب في النمو العصبي بنسبة 28 بالمائة مقارنةً بمن لم تُصب أمهاتهم به. وهذا ما أكدته حتى الدراسات التي أخذت في الاعتبار متغيرات تفسيرية محتملة أخرى.
وعند فحص الاضطرابات الفردية، اكتشف الباحثون زيادةً في خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد بنسبة 25 بالمائة، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط بنسبة 30 بالمائة، والإعاقة الذهنية بنسبة 32 بالمائة.
وكانت هذه المخاطر أكثر وضوحًا لدى النساء المصابات بالسكري قبل الحمل مقارنةً باللواتي أصبن بسكري الحمل، وفق ما ذكرت صحيفة "إكسبريس".
وأكد الباحثون على "ضرورة المراقبة الدقيقة لتركيزات سكر الدم لدى الأم طوال فترة الحمل".
وقالوا: "على حد علمنا، تُعد هذه أول مراجعة منهجية شاملة وتحليل تلوي لتقييم نتائج النمو العصبي لدى الأطفال المولودين لأمهات مصابات بأنواع محددة من مرض السكري".
كما حذر الفريق من أنه على الرغم من أن نتائجهم، المنشورة في مجلة ذا لانسيت، "تقدم رؤى جديدة حول المخاطر المحتملة"، إلا أنه ينبغي "تفسيرها بحذر".
التأثيرات على الجنين
وفي تعليقها على الدراسة، قالت لوسيلا بوستون، أستاذة صحة الأم والجنين في كلية كينجز بلندن: "الجنين البشري معرض بشكل كبير للتغيرات في بيئته والتي قد تؤثر على صحته مدى الحياة".
وأشارت أيضًا إلى أن المراجعة "التي أجريت بشكل جيد" "تستفيد من التركيز على الدراسات التي استبعدت العديد من العوامل، مثل السمنة لدى الأم أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والتي يمكن أن تفسر الارتباط".
وأضافت البروفيسور بوستون: "في حين أن الاستنتاج هو أن الأطفال المولودين لأمهات مصابات بالسكري معرضون لخطر اضطرابات النمو العصبي، فإن جميع الدراسات المساهمة كانت رصدية، دون أي محاولة للتدخل لمنع أي تأثير، ويجب التعامل مع العلاقة السببية بحذر". "وكما يُقدّر المؤلفون، قد يكون التفسير معقدًا بسبب آثار علاج السكري، وعدم التوافق الدولي في تشخيص سكري الحمل.
ومع ذلك، تشير أدلة أخرى إلى وجود علاقة سببية، من بينها العديد من الدراسات التي أُجريت على الحيوانات التجريبية.
كما تظهر بيانات من تصوير الرنين المغناطيسي لأدمغة الأطفال المعرضين لمرض السكري لدى الأمهات، تُظهر تغيرات هيكلية ووظيفية في منطقة ما تحت المهاد، وهي منطقة من الدماغ مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصحة العقلية والجسدية.
ولهذا السبب ولأسباب أخرى، تظل الوقاية من مرض السكري وفحصه وعلاجه ذات أهمية بالغة، ليس فقط لصحة الأم، بل لصحة طفلها أيضًا.