بقلم |
فريق التحرير |
الاربعاء 30 ابريل 2025 - 09:41 م
ما حكم نفقة البنت العاملة على أبيها المحتاج، ولكنه في ذات الوقت قادر على الكسب، وسد حاجاته بنفسه، لكنه يتعمد التهرب من العمل وأداء واجبه، ليسلك الطريق الأسهل وهو استغلال حكم الشرع بوجود نفقة الاب المحتاج على أبنائه؟ رزق الله تعالى أبي بالمال الكثير، لكنه أضاعه على أهله غير المحتاجين، وشراء الكماليات لهم، بالإضافة إلى أنهم سرقوا من أمواله، ولم يترك لأولاده وزوجته شيئا، وبالطبع ذهبت كل أمواله، والآن هو يصرف علينا من الديون، أدرس الآن في جامعة مجانية، وسأتخرج بإذن الله تعالى، وهو يخطط لأخذ أمواله، بدل أن يسعى ويحل مشكلته، ويؤدي واجبه كأب، وقد حصل على وظيفة لكنه رفضها؛ لأن المدرسة تشترط أن لا يرتدي لباسا فوق الكعبين، وهناك وظيفة أخرى تبعد ساعتين أيضا رفضها؛ لأنه لا يريد أن يتعب نفسه في الذهاب إليها، ويمكن أن يستعيد ماله المسروق عن طريق المحكمة، لكنه أيضا لا يريد بحجة أنه خائف منهم، فأبي كما ترون مقصر، ومهمل، وينوي رمي الحمل علي، على الرغم من إنه لو أراد لحل مشكلة فقرنا بإذن الله تعالى، فماذا أفعل؟ وإن كانت علي النفقة، فهل أعطيه راتبي كاملا؟ وهل بإمكاني أن أعطيه جزءا منه فقط؛ حتى يتأدب، ويذهب لحل مشكلتنا بجدية، ولا يرمي المصيبة علي؟
الجواب:
تبين لجنة الفتوى بسؤال وجواب أنه يلزم أولا الأولاد-ذكورا وإناثا-النفقة على الوالدين الفقيرين، ولو كانا قادرين على الكسب.
قال ابن المنذر: " أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين، اللذين لا كسب لهما ولا مال: واجبة في مال الولد " انتهى نقلا من "المغني" .
وقال ابن القطان رحمه الله: " وأجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال، واجبة في مال الولد" انتهى من "الإقناع في مسائل الإجماع"
وقال السرخسي في "المبسوط": " ويجبر الرجل الموسِر على نفقة أبيه وأمه، إذا كانا محتاجين؛ لقوله تعالى: فلا تقل لهما أف [الإسراء: 23] نهى عن التأفيف لمعنى الأذى، ومعنى الأذى في منع النفقة عند حاجتهما أكثر؛ ولهذا يلزمه نفقتهما، وإن كانا قادرين على الكسب؛ لأن معنى الأذى في الكد والتعب أكثر منه في التأفيف. وقال صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه، وإن ولده لمن كسبه؛ فكلوا مما كسب أولادكم.
وإذا كان الأولاد ذكورا وإناثا موسرين، فنفقة الأبوين عليهم بالسوية، في أظهر الروايتين.
وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أن النفقة بين الذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين، على قياس الميراث، وعلى قياس نفقة ذوي الأرحام".
وفي "المجموع": "وإن كان صحيحا، إلا أنه غير مكتسب، فإن كان من الوالدين ففيه قولان: أحدهما: تجب نفقته على الولد الموسر، وبه قال أبو حنيفة وأحمد؛ لأنه محتاج إلى الإنفاق فأشبه الزمن.
والثانى: لا تجب نفقته على الولد؛ لأنه قادر على الاكتساب، فأشبه المكتسب" انتهى.
وقال في "كفاية الأخيار": "وَإِنَّمَا تجب نَفَقَة الْوَالِدين بِشُرُوط:
والأب سبب وجود الولد، وهو من عمله وكسبه، فلا عجب أن جعل له الشرع حقا في مال ولده.
روى أحمد وأبوداود ، وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي مالا وولدا، وإن والدي يجتاح مالي قال: (أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا) وله طرق وشواهد يصح بها، وينظر: "فتح الباري"، و "نصب الراية" .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوْلَادَكُمْ هِبَةٌ اللهِ لَكُمْ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ، فَهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إِذَا احْتُجْتُمْ إِلَيْهَا) رواه الحاكم والبيهقي ، والحديث صححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة".
قولك: " وهل بإمكاني أن اعطيه جزءا منه فقط حتى يتأدب ويذهب لحل مشكلتنا بجدية": قول منكر، وقبيح من القول، وما كان ينبغي أن يصدر منك، ولا أن تسمحي لنفسك أو لغيرك أن يقوله عن والدك، فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه، والوالد حقه عظيم، فمهما قصر، فلا يسقط حقه في البر والإحسان إليه، والأدب معه، والإنفاق عليه.
رزقنا الله وإياك البر والإحسان، ووقانا شرور أنفسنا.