"الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك".. ليست مجرد حكمة شائعة، بل مبدأ إسلامي أصيل يشهد له القرآن الكريم والسنة النبوية. فالوقت في الإسلام نعمة عظيمة، ومسؤولية محاسَب عليها الإنسان، لا يُنظر إليها على أنها فراغ يُملأ، بل هي فرصة تُستثمر.
القرآن والوقت: القسم الذي يدل على القيمة
إذا تأملنا آيات القرآن الكريم، سنجد أن الله عز وجل أقسم بالوقت في مواضع عدة:
{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى}
وهذا القسم الإلهي لا يكون إلا بشيء عظيم الشأن، مما يدل على أهمية الوقت في ميزان الإسلام، وأن تضييع العمر هو من أعظم الخسائر.
السنة النبوية: لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن عمره
قال النبي ﷺ:"لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه..."
(رواه الترمذي)
إن استثمار الوقت لا يعني فقط العمل والإنتاج، بل يشمل العبادة، التعلم، النفع، والراحة المقصودة. كل لحظة في حياة المسلم يمكن أن تتحول إلى عبادة إذا اقترنت بالنية الصالحة.
العمل والعلم.. عبادة مستمرة
كان الصحابة والتابعون يحرصون على الوقت حرصهم على الذهب، بل أكثر. قال الحسن البصري:
"يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يومك ذهب بعضك."
والسلف كانوا يعدّون الدقيقة والثانية، ويكرهون الفراغ. لذا، فإن التعلم، والعمل الحلال، وتربية الأبناء، والقراءة، ومساعدة الناس، كلها صور من استثمار الوقت المحبوب في الإسلام.
عصر السرعة.. بين تضييع الوقت واستثماره
اليوم، أصبحت الهواتف الذكية ومواقع التواصل تسرق من أعمارنا ساعات دون أن نشعر. وهنا يُصبح استثمار الوقت واجبًا تربويًا وثقافيًا، لا دينيًا فقط. فالمسلم مدعو لتحديد أهدافه، وتنظيم يومه، والاستفادة من عمره، لأن كل لحظة تمضي لا تعود.