الزهد خُلُق عظيم من أخلاق الإسلام، ودليل على صفاء النفس وعلو الهمة، إذ يُعَدّ الزاهد من أقرب الناس إلى الله تعالى، لأنه لا يتعلّق قلبه بزينة الدنيا الزائلة، بل يجعل همه الآخرة ورضا الله عز وجل. وقد دعا الإسلام إلى الزهد بمعناه الصحيح، لا بترك العمل ولا باعتزال الناس، وإنما بإخراج الدنيا من القلب مع بقائها في اليد.
الزهد في الإسلام ليس رفضًا للحياة ولا تحريمًا لمتاعها، بل هو ترك ما لا ينفع في الآخرة، والإعراض عن التعلق بالدنيا الفانية. قال تعالى: "لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم"، فالمؤمن الزاهد يعلم أن ما عند الله خير وأبقى، فلا يحزن على ما فاته من الدنيا، ولا يفرح فرحًا مفرطًا بما نال منها.
وقد جسّد النبي صلى الله عليه وسلم أسمى معاني الزهد في حياته، فكان ينام على الحصير، ويقول: "مالي وللدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها". فكانت الدنيا في عينه صغيرة، وكان قلبه معلقًا بالله، ومع ذلك كان يعمل ويسعى ويجاهد في سبيل الله، فيجمع بين الزهد والإصلاح والعمل الصالح.
ثمرات الزهد:
1. راحة القلب وطمأنينة النفس: فالزاهد لا يحمل همًّا على رزقٍ أو جاه، لأنه يعلم أن الله هو الرازق.
2. محبة الله ورسوله: كما جاء في الحديث: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس".
3. الرضا بالقضاء والقدر: فالزاهد يعيش راضيًا مطمئنًا، لا يجزع عند البلاء ولا يتكبر عند النعم.
4. القرب من الجنة: لأن الزهد يقود صاحبه إلى الإخلاص وصدق العمل، فينال رضا الله وجناته.
وفى الختام ينبغى ان نعلم أن الزهد الحقيقي ليس ترك المال أو الثروة، بل ترك التعلق بها، وجعل الآخرة هي الهدف الأسمى. فالمسلم الزاهد يعيش في الدنيا بقلبٍ معلقٍ بالله، يسعى في الخير ويعمل بجد، لكنه لا يجعل الدنيا غايته. فبهذا يحقق معنى العبودية الصادقة، وينال فضل الزهد وثمرته العظيمة في الدنيا والآخرة.