دراسة: التقنيات الحديثة من بين القرارات الأكثر خطورة في الحياة

بقلم | فريق التحرير | الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 - 09:59 ص

يواجه الناس يوميًا مئات الخيارات: السلالم أو المصعد؛ القيادة أو المشي؛ الطبخ أو الطلب. وعلى الرغ من أن معظم القرارات لا تغير الحياة، إلا أن بعضها تعتبر أكثر خطورة بالنسبة لبعض الأشخاص.

وأعدّ باحثون في سويسرا، قائمة بأكثر 100 معضلة شائعة يواجهها الناس في حياتهم اليومية، مثل تغيير الوظائف، أو الزواج، أو شراء منزل، للتعرف على مصادر القلق الحديث.

وقال ريناتو فراي، المؤلف المشارك في الدراسة، وعالم النفس بجامعة زيورخ: "كان هدفنا الأساسي هو محاولة الاستفادة من تجارب الناس الفعلية في الحياة الواقعية... وبعد ذلك، بطريقة مباشرة نسبيًا، طلبنا من المشاركين في الدراسة الإبلاغ عن خيار محفوف بالمخاطر".

قائمة المخاطر المحتملة

وتصدرت قائمة المخاطر المحتملة بدء عمل جديد وترك وظيفة حالية، حيث شكلت الخيارات المهنية خمسة من أصل 25 خطرًا رئيسًا.

في المقابل، شكلت الخيارات الصحية المحفوفة بالمخاطر ثمانية من أصل 25 خطرًا رئيسًا.

وأظهرت النتائج أنه غالبًا ما كانت الخيارات الصحية المحددة التي أبلغ عنها الناس عالية المخاطر وشخصية. وشملت الخضوع لجراحة كبرى، أو اتباع نصيحة الطبيب العلاجية، أو استخدام تقنية الجيل الخامس، أو تلقي التطعيم، بحسب صحيفة "ديلي ميل".

وشملت المخاطر الصحية أيضًا خيارات نمط الحياة الرئيسة، مثل البدء في نظام غذائي جديد أو خطة تمرين أو المشاركة في الرياضات الخطرة، مما يسلط الضوء على أن هذه القرارات الشخصية تحمل إمكانات كبيرة لتحقيق الفائدة والضرر.

علاوة على ذلك، كشفت الدراسة أن وطأة هذه المخاطر الصحية والقلق المرتبط بها تتغير على مدار حياة الشخص. فبالنسبة لكبار السن، وخاصةً النساء فوق سن الستين، أصبحت الخيارات الصحية المحفوفة بالمخاطر شائعةً بقدر انتشار الخيارات المتعلقة بالعمل.

وبلغ عدد المشاركين في الدراسة الجديدة أكثر من 4 آلاف سويسري بالغ من مختلف الأعمار، لذا ستكون هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات لتحديد الخيارات الأكثر خطورة.

وتجنب الباحثون عمدًا تعريف "الاختيار المحفوف بالمخاطر" لالتقاط نوعين متميزين من القرارات في العالم الحقيقي: تلك التي لها نتائج معروفة ولكن غير مؤكدة، مثل لعبة الحظ، وتلك التي لها عواقب غير معروفة تمامًا، مثل بدء عمل تجاري جديد.

ولكشف المخاطر الحقيقية التي يخشاها الناس، أجرى الباحثون استطلاعًا لآراء 4380 شخصًا من عامة الناس، تتراوح أعمارهم بين 15 و79 عامًا.

وطلبوا من كل مشارك أن يصف خيارًا واحدًا صعبًا ومحفوفًا بالمخاطر واجهه شخصيًا أو رأى الآخرين يكافحون من أجله.

وطلب الباحثون من الناس أن يتذكروا موقفًا خاضوا فيه مخاطرة أو تجنبوا مخاطرة من وجهة نظرهم الخاصة أو وجهة نظر شخص آخر يعرفونه.

المعضلات الشخصية

أثار الاستطلاع آلاف المعضلات الشخصية، بدءًا من "هل يجب أن أترك وظيفتي؟" إلى "هل يجب أن أجري هذه الجراحة؟"

وباستخدام عملية متعددة المراحل، جمع الباحثون الاستجابات المتشابهة بشكل منهجي لبناء مخزون نهائي قائم على البيانات لأكثر 100 خيار محفوف بالمخاطر انتشارًا.

وقام الباحثون بتصور المخاطر الأكثر شيوعًا باستخدام سحابات الكلمات. كانت الكلمات الأبرز والأكثر بروزًا هي معضلات مثل "تغيير الوظيفة"، و"ترك الوظيفة"، و"استثمار المال"، بينما ظهرت مخاطر أقل شيوعًا في نص أصغر حولها.

وكانت الإجابات الأولى موحدة نسبيًا بين أفراد المجموعة السكانية التي تمت دراستها، لكن الباحثين اكتشفوا بعض الاختلافات عندما ركزوا على مجموعات محددة.

وأثرت أعمار الأشخاص وجنسهم بشكل كبير على المخاطر التي يعتقدون أنها الأكثر أهمية، وفقًا للدراسة التي نشرت في مجلة "العلوم النفسية".

أصبحت المعضلة المهنية المتمثلة في "هل يجب أن أترك وظيفتي؟" أقل شيوعًا مع تقدم العمر لكل من الرجال والنساء، في حين ظل السؤال "هل يجب أن أقبل وظيفة جديدة؟" يمثل مصدر قلق كبير بين البالغين الأصغر سنًا.

أعرب الرجال الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فأكثر عن قلقهم بشأن الآثار الصحية المحتملة لاستخدام تقنية الجيل الخامس، بينما أبدى من تتراوح أعمارهم بين 30 و44 عامًا قلقهم بشأن إجراء الجراحة والتفكير في السفر. ولم تظهر هذه الخيارات ضمن الخيارات الخمسة الأكثر شيوعًا لدى النساء.

غالبًا ما تفكر النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و29 عامًا، وبين 45 و59 عامًا، في متابعة تعليم أو تدريب محدد، بينما واجهت النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و44 عامًا معضلة الزواج. ولم يظهر هذان الخياران ضمن الخيارات الخمسة الأكثر شيوعًا لدى الرجال.

التقنيات الجديدة

وأعرب المشاركون في الاستطلاع أيضًا عن مخاوفهم بشأن استخدام التقنيات الجديدة، بما فيها الجيل الخامس، كخطر على الصحة.

لم تحدد الدراسة ما هي أكثر ما يقلقهم في التقنيات الحديثة، ولكنها قد تشير إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب، أو الاختبارات الجينية، أو الأجهزة الصحية القابلة للارتداء.

كانت المعضلات المتعلقة بالعمل المصدر الأكثر شيوعًا للمخاطر، حيث شكلت ما يقرب من ثلث (32 بالمائة) من جميع الخيارات المُبلغ عنها. تلتها المخاوف الصحية (18 بالمائة) والمالية (17 بالمائة)، بينما استكملت القضايا الاجتماعية (13 بالمائة)، وحركة المرور (12 بالمائة)، والترفيهية (9 بالمائة) أبرز القرارات الصعبة التي يواجهها الناس.

ووجدت الدراسة أيضًا أن فكرة كون بعض الأشخاص "مخاطرين" والبعض الآخر "يتجنبون المخاطرة" في أفكارهم وسلوكياتهم قد لا تصمد.

وكشفت النتائج أن استعداد الشخص للمخاطرة يمكن أن يتغير بشكل كبير اعتمادًا على فئة القرار.

على سبيل المثال، قد يمارس المتهورون القفز بالمظلات بشكل منتظم، وهو ما يشكل مخاطرة في المجال الترفيهي، مع استمرارهم في الحفاظ على صحتهم وحذرهم، مثل عدم تناول الأدوية.

وقدرة الشخص العامة على تحمل المخاطر كانت مؤشرًا ضعيفًا على اختياراته الفعلية، مما يثبت أن الشخص المتهور في جزء واحد من الحياة قد يكون محافظًا للغاية في جزء آخر.

اختبر الباحثون أيضًا ما إذا كانت أزمة عالمية كبرى، وهي جائحة كوفيد، قد غيّرت جذريًا أنواع الخيارات المحفوفة بالمخاطر التي يواجهها الناس. ووجدوا أنها لم تفعل.

ظلت القائمة الإجمالية لأكثر 100 معضلة حياتية حرجة على حالها إلى حد كبير.

حدد الباحثون عدة قيود على دراستهم. كان العامل الأكثر تقييدًا هو أن عينة الدراسة تنتمي إلى سويسرا، "وهي دولة آمنة للغاية، على سبيل المثال، تتميز بمعدل جريمة منخفض جدًا".

وتتمتع البلاد أيضًا ببنية تحتية مختلفة تمامًا لدفع تكاليف الرعاية الصحية. يعد التأمين الصحي إلزاميًا للجميع في سويسرا، مع التركيز على التغطية الشاملة من خلال شركات التأمين الخاصة المنظمة.