جاء في الأثر: "صلة الرحم تزيد في العمر.. وصدقة السر تطفئ غضب الرب"، وقال الله تعالى: "إن المصدقين والمصدقات..".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس".
وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: "إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته".
كما حثّ على الصدقة قائلاً: "عليك بالصدقة فإن فيها ست خصال ثلاثا في الدنيا وثلاثا في الآخرة، فأما التي في الدنيا فتزيد في الرزق وتزيد في المال وتعمر الديار، وأما التي في الآخرة فتستر العورة وتصير ظلاً فوق الرأس وسترًا من النار".
وقال مكحول التابعي: إذا تصدق المؤمن استأذنت جهنم أن تسجد له شكرا على خلاص واحد منها من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من عذابها.
وقال صلى الله عليه وسلم: اتقوا النار ولو بشق تمرة.
وكانت عائشة قد اشترت جارية فنزل جبريل عليه السلام، وقال يا محمد أخرج هذه الجارية من بيتك فإنها من أهل النار، فأخرجتها عائشة ودفعت إليها شيئًا من التمر، فأكلت الجارية نصف تمرة ودفعت النصف إلى فقير رأته في الطريق، فجاء جبريل، وقال يا محمد إن الله تعالى يأمرك أن ترد الجارية، فإن الله تعالى أعقها من النار لأنها تصدقت بنصف تمرة ذكره ابن الجوزي، وقال صلى الله عليه وسلم يا عائشة اشتري نفسك من النار ولو بشق تمرة.
وفي الحديث الصحيح: أن بكل تسبيحة صدقة وبكل تحميدة صدقة الحديث إلى آخره مشهور.
وكان ابن مسعود رضي الله عنه إذا سمع سائلاً يسأل يقول: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنًا وهو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
ومعناه: من لم يكن معه ما يتصدق به فليستغفر الله للمؤمنين فإنه صدقة وفي الحديث الصحيح وتبسمك في وجه أخيك صدقة.
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السوق بثمانية دراهم يشتري قميصا فرأى جارية تبكي فسألها فقالت خرجت أشتري حاجة لأهلي بدرهمين فذهبا مني فدفعهما لها ومضى إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم.
فلما رجع رأى شيخًا يقول من كساني ثوبا، كساه الله من حلل الجنة فدفع إليه القميص، ثم رجع إلى السوق واشترى قميصًا بدرهمين، ثم رجع فوجد الجارية، فسألها، فقالت أخاف العقوبة من أهلي لطول غيبتي، فقال الحقي بأهلك فتبعها، حتى وصل إلى دار أهلها فطرق بابهم.
وقال السلام عليكم، فلم يجبه أحد، فقال ثانيًا وثالثًا فأجابوه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لم لا أجبتوني من أول مرة، فقالوا لنتبرك بصوتك، فسألهم العفو عن الجارية، فقالوا هي حرة لأجلك يا رسول الله، فرجع النبي وهو يقول ما رأيت ثمانية أعظم من هذه أمنّا جارية بها وعتقنا بها جارية وكسونا بها عريانًا.
فضل الصدقة:
قال الله تعالى آمرًا نبيه صلى الله عليه وسلم: «قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ» (سورة إبراهيم: 31).
ويقول جل وعلا: «وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ...» (سورة البقرة: 195). وقال سبحانه: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم» (سورة البقرة: 254). وقال سبحانه: «أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ» (سورة البقرة: 267). وقال سبحانه: «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (سورة التغابن: 16).
ومن الأحاديث الدالة على فضل الصدقة قوله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة». والمتأمل للنصوص التي جاءت آمرة بالصدقة مرغبة فيها يدرك ما للصدقة من الفضل الذي قد لا يصل إلى مثله غيرها من الأعمال، حتى قال عمر رضي الله عنه: «ذكر لي أن الأعمال تباهي، فتقول الصدقة: أنا أفضلكم».
فوائد الصدقة:
1: أنّها تطفىء غضب الله سبحانه وتعالى كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى».
2: أنّها تمحو الخطيئة، وتذهب نارها كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار».
3: أنّها وقاية من النار كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا النّار، ولو بشق تمرة».
4: أنّ المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل امرىء في ظل صدقته، حتى يقضى بين الناس».
5: أنّ في الصدقة دواء للأمراض البدنية كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة».
6: إنّ فيها دواء للأمراض القلبية كما في قوله صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه قسوة قلبه: «إذا إردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم».
7: أنّ الله يدفع بالصدقة أنواعًا من البلاء كما في وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل: "وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم".
8: أنّ العبد إنّما يصل حقيقة البر بالصدقة كما جاء في قوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة آل عمران: 92].
9: أنّ المنفق يدعو له الملك كل يوم بخلاف الممسك وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا».
10: أنّ صاحب الصدقة يبارك له في ماله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: «ما نقصت صدقة من مال».
أفضل الصدقات:
1: الصدقة الخفية؛ لأنَّها أقرب إلى الإخلاص من المعلنة وفي ذلك يقول جل وعلا: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِىَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتؤْتُوهَا الفُقَرَاءِ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ} [سورة البقرة: 271].
2: الصدقةُ في حال الصحة والقوة أفضل من الوصية بعد الموت أو حال المرض والاحتضار كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحُ، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان كذا»
3: الصدقة التي تكون بعد أداء الواجب كما في قوله عز وجل: {وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ} [سورة البقرة: 219].
4: بذل الإنسان ما يستطيعه ويطيقه مع القلة والحاجة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة جهد المُقل، وابدأ بمن تعول».
5: الإنفاق على الأولاد كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «الرجل إذا أنفق النفقة على أهله يحتسبها كانت له صدقة».
6: الصدقة على القريب، تأكيدًا لقوله تعالى: «لَن تَنَالُواْ البِر حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة آل عمران: 92].