كان الوليد بن المغيرة، يلقب بـ" العدْل"، أي أنه يعادل قريش كاملة، وقد ظهر ذلك جليا في قصة بناء الكعبة وما تكفله من بناء، إضافة إلى أنهم لم يجسروا على هدم شيء منها وبنائه حتى أقدم الوليد بن المغيرة.
ذكر الوليد بن المغيرة كثيرا في القرآن الكريم، حيث تحدث عنه في آيات كثيرة تصيب بالدهشة من كثرتها تجاه هذا الرجل الذي شهد بإعجاز القرآن الكريم، ثم كفر به، ليجمع بين عدة متناقضات أثارت تساؤلات كثيرة، حول شخصية الرجل، لدرجة أن بعض أعداء الإسلام استغلوا كفره بالقرآن الكريم لينفوا عنه شهادته بإعجاز كتاب الله، خاصة وأن شهادته كان لها أثر كبير في حق القرآن، في ظل علمه بكلام العرب وفصاحتهم وحفظه لشعرهم.
صفات ومخايل الوليد:
1-أحد أشراف مكة وقريش واسمه الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزومى.
2- كان يلقب بأبي خالد وقد كان يكره الخمر ويحرمها على نفسه وقد قام بكساء الكعبة الشريفة عدة مرات وكان معروف عنه أنه شديد الثراء ويملك مناجم ومراعي وأموال كثيرة من تهامة إلى اليمامة .
3- لديه عدد من الأولاد وهم خالد وعمارة وهشام والوليد.
4- ذكر ذلك في القرآن في معرض منّة الله عليه:" ذرني ومن خلقت وحيدا .. وجعلت له مالا ممدودا.. وبنين شهودا".
5- ولد فى مكة قبل عام الفيل وقد تعلم أيضا تعاليم ملة أبينا إبراهيم عليه السلام.
6- - وكان يتميز أنه قويا فى المبارزة وفنون القتال وكان كثير العطاء فى المعسكرات التدريبية.
7- قيل عن الوليد بن المغيرة أنه شديد الجمال قوى البنية ومتوسط القامة وأدعج العينين.
الوليد والقرآن الكريم:
للوليد بن المغيرة مواقف كثيرة مع القرآن شهد خلالها له بالإعجاز وأنه من عند الله، وليس من قول البشر، إلا أنه سرعان ما غير شهادته ورجع عنها، نتيجة صحبة السوء، التي كانت تسيطر عليه، فحولته لأشد أعداء الإسلام والقرآن.
موقفه المشهور:
ومن مواقف الوليد بن المغيرة مع القرآن حينما اجتمع الوليد بأهل مكة حتى يجدون حل ورأى لا يختلفون عليه فى الرسول والقرآن الكريم.
فالكثير منهم قالوا نقول أنه كاهن فقال:لا هو ليس بكاهن ،وقال البعض الأخر نقول أنه كاذب فرد عليهم الوليد بأنهم لم يجربوا عليه كذبا، وتوالت الصفات الكثيرة على رسولنا الكريم وقالوا إنه شاعر ومجنون ولكن الوليد ابن المغيرة يرفض جميع هذه الصفات التى قيلت على الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومر الوليد بن المغيرة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتلو في صلاته بضع آيات من سورة (المؤمنون، فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه من بني مخزوم ، وقد أدهشه روعة القرآن ، فقال لهم : "والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ، ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن . والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق . وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر".
اظهار أخبار متعلقة
وعيد قرآني بسبب افتراء غير مسبوق:
ولما شاع ثناء الوليد على القرآن ، قالت قريش : لقد صبأ الوليد إلى دين محمد ، وسوف تصبو قريش معه، فأرسلوا إليه أبو جهل وأمثاله ، لتأليبه عن قومه.
وسألوه ماذا تقول في القرآن ؟ فاستمهلهم الوليد ليفكر ويعيد النظر في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أتاهم قائلاً : تزعمون أن محمداً مجنون ، فهل رأيتموه يخنق قط ؟ قالوا : اللهم لا!.
قال : تزعمون أنه كذاب ، فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب ؟ قالوا : اللهم لا ! . فقالت قريش للوليد : فما هو ؟ فتفكر الوليد في نفسه ثم قال : ما هو إلا سحر .
أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله ، وولده ومواليه؟!. فهو ساحر ، وما يقوله سحر يؤثر.
فارتج النادي فرحاً ، وتفرقوا . وعندها نزلت الآيات من سورة (المدثر) : {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } [المدثر: 11 - 30].
هلاكه:
هلك الوليد بن المغيرة قبيل غزوة بدر ولم يسلم، وكان سبب وفاته أن جرحاً كان قد أصابه بأسفل كعب رجله قبل سنين انتقض عليه فقتله.
وكان ذلك الجرح قد أصابه حين مرّ برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً له، فتعلق سهم من نبله بإزاره، فخدش رجله ذلك الخدش الذي كان سبب موته.
ويروى أنه حين حضرته الوفاة دعا بنيه وكانوا يومئذ ثلاثة: هشام بن الوليد، والوليد بن الوليد، وخالد بن الوليد، لأن ابنه الرابع عمارة كان قد هلك بأرض الحبشة.
فقال لهم: «أي بني، أوصيكم بثلاث فلا تضيّعوا فيهن، دمي في خزاعة فلا تطلنه، والله إني لأعلم أنهم منه براء، ولكني أخشى أن تسبوا به بعد اليوم، ورباي في ثقيف فلا تدعوه حتى تأخذوه، وعقري (صداق المرأة) عند أبي أزيهر الدوسي فلا يفوتنكم فيه». وكان أبو أزيهر قد زوجه بنتاً ثم أمسكها عنه فلم يدخله عليها حتى مات.
وقد مات الوليد بن المغيرة بعد الهجرة بثلاثة أشهر عن خمس وتسعين سنة ودفن في الحجون بمكة.
آيات نزلت بالوليد بن المغيرة
{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } [المدثر: 11 - 30].
(أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى) النجم 35
(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) القلم 9
(هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ) القلم 11
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) النجم 33
(وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ) القلم 10
(فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) القلم 8
(وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى) النجم